للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان يروى أن هذه القاعدة توجد فى الجهة الجنوبية منها أسطوانة وهى فى مكان قطعة النخلة المذكورة إلا أن هذه الرواية غير صحيحة.

ويعرف المحدثون الكرام هذه الواقعة بحنين الجذع والجذع هو جسم الشجرة ابتداء من جذورها إلى فروعها، والحنين هو الأنين من شدة الشوق، وقد روى هذه الواقعة تسعة من الصحابة مثل أبى ابن كعب، جابر بن عبد الله، أنس بن مالك، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عباس، سهل بن سعد أبو سعيد الخدرى، أم سلمة والمطلب بن أبى وداعة، أى أن الوقعة قد نقلت متواترة، لذا فلا شك فى صحتها.

[استطراد]

وقصة حنين الجزع وصورة وقوعها ذكرها الإمام البخارى (١) والنسائى والإمام أبو-داود عليه رحمة الله الودود-ناقلا عن جناب جابر رضى الله عنه الذى قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا خطب اتكأ إلى جذع من سوارى المسجد، فلما صنع المنبر فاستوى عليه، صاحت النخلة التى كان يخطب عليها حتى كادت أن تنشق فنزل عليه السلام حتى أخذها فضمها إليه، وكانت تئنّ أنين الصبى الذى يسكت حتى استقرت، قال النبى-عليه السلام-بكت على ما كانت تسمع من الذكر.

وقد صدقت الرواية بهذا الحديث الشريف يعنى أن حضرة جابر قال وهو يبسط‍ تلك القصة بينما كان النبى صلى الله عليه وسلم معلم العالم يخطب مستندا لإحدى أساطين مسجد السعادة وهى جذع نخلة وكان يتحدث عن الأوامر والنواهى الشرعية وأحكامها ويوصلها إلى مسامع المسلمين، ولما توسطت شمس الإيمان كبد السماء وماج بحر حقائق الحكمة ودخل قبائل العرب والعجم بناء على السر الجليل الذى يقول «يدخلون فى دين الله أفواجا» واقتحموا شعار الإسلام وبعد ما كانت الفرقة الناجية المؤمنة قطرة فأصبحت بحرا وبعد أن كانت ذرة أصبحت شمسا


(١) فى كتاب المناقب الحديث،٣٥٨٣ - ٣٥٨٥،باب علامات النبوة فى الإسلام.
فتح البارى ٦٩٦/ ٦ - ٦٩٨ ط‍.الريان.

<<  <  ج: ص:  >  >>