للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلافة وفوقها بستين كيلومتر. استولى عليها بالقوة وهزم الجيوش التى أرسلت ضده مرتين، وقتل يوسف بن أبى الساج الذى أسره مع رفقائه، وهكذا ألقى الرعب فى قلوب الناس الفزعين، وبعد أن فرض على كل فرض من أهالى الأنبار خراجا دينارا توجه نحو الأراضى الحجازية المباركة بنية الاعتداء على مكة المكرمة، وهجم على المسجد الحرام وداس بقدميه المشئومتين حرم المسجد الحرام توأم الجنة كما سبق ذكره، وقتل ثلاثين ألفا من الأبرياء، وأكثرهم ملتفون بملابس الإحرام وبعضهم فى داخل كعبة الله، وبعد أن هدم مبانى ذلك البلد الغالية وخربها اقتلع الحجر الأسود وعاد إلى بلدة هجر فى سنة ٣١٧ هـ‍.

وقد دامت نار شرور القرامطة مندلعة تتأجج من سنة ٣٠١ هـ‍ إلى سنة ٣٧٣ هـ‍ وفى رأى إلى عام ٣٨٤. استطاع فيها القرامطة إغواء كثير من الناس، وأدخلوهم فى زمرتهم ومذهبهم، وأغار هؤلاء على البلاد وقتلوا ونهبوا وهدموا، إذ خربوا الكوفة سنة ٢٧٨، والبحرين سنة ٢٨٦، والشام سنة ٢٨٩، ودمشق ٢٩٠، والشام مرة ثانية سنة ٢٩٣، والبصرة سنة ٣٠٧ هـ‍، والكوفة سنة ٣١٣، الأنبار سنة ٣١٥، وبعد ذلك بعام الرحبة والرقة والهيط، ومكة المعظمة سنة ٣١٧، ودمشق مرة ثانية سنة ٣٦٠ هـ‍، وهجموا على هذه البلاد وقتلوا سكانها وخربوا منازلها وأخلوا بنظام الأمن فى تلك البلاد.

واستأصلوا حجاج قوافل العراق فى السنين ٢٩٤ و ٣١٢ و ٣٥٥ (١) و ٣٦١ (٢)، كما أنهم أغلقوا طريق بيت الله العتيق طريق الفيض والنور فى السنين ٣١٤ و ٣٥٦ و ٣٦٣ و ٣٨٤، ووصلوا إلى الذروة فى فن الإجرام إذ منعوا أداء فريضة الحج مدة تسع سنوات لعنهم الله.

[كيفية ظهور طائفة القرامطة]

يروى المؤرخون على اختلاف آرائهم أن ظهور القرامطة كان فى عهد الرشيد أو المأمون، ولم يظهروا إلا بعد أن تشكل كيانهم، وكانوا قبل ذلك يفسدون


(١) وفى سنة ٣٦١ اتفق عربان بنى هلال مع القرامطة.
(٢) اتفق فى هذه السنة عربان بنى سليم مع القرامطة وأغاروا على قوافل مصر وقوافل الشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>