ولما كان تعليق هذه التواريخ المنظومة كلها فوق أبواب المسجد الحرام يخالف الأصول المرعية، اختير أجمل ما كتب فى هذا الشأن وأرسل إلى إمارة مكة المكرمة من قبل السلطان السنى المناقب ليعلق أو يحك فى مكان مناسب من المسجد الحرام.
وقد أعجب علماء مكة بالتاريخ المنظوم المرسل من مقام الخلافة الجليلة وحفر على لوحة رخامية، وبعد تزيينها وتذهيبها علقوها على الجدار الشرقى للمسجد الحرام فى مكان بين باب على وباب عباس امتثالا للأمر السلطانى، وقد رأينا أنه من المناسب أن نكتب الثلاث أبيات الأخيرة من تاريخ سليس؛ لأنها أنشدت أمام السلطان وإن كانت مقدمته منثورا ولكنه يعتبر من الآثار الأدبية القيمة.
[صورة تاريخ سليس]
هذا التاريخ لا نظير له وعلق على الجدار الشرقى للمسجد الحرام نظم عندما تم تعمير المسجد الحرام فى عهد السلطان مراد خان الثالث.
الحمد لله الذى أسس بناء الدين المتين بنبى الرحمة والرشاد، وخصصه بمزيد الفضل والكرامة والإسعاد، وجعل حرم مكة مطافا لطواف الطائفين من أقاصى الممالك والبلاد، صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه الأجلاء والأمجاد، ووفق عبده المعتدّ بأحكام الشريعة وتشييد أركانها على الوجه المراد، والمدخر ذخر المستزيد من زاد المعاد، ظله الممدود على مفارق العباد، السلطان ابن السلطان ابن السلطان مراد خان جعل الله الخلافة فيه وفى عقبه إلى يوم التناد، ولتجديد معالم المسجد الحرام الذى سواء العاكف فيه والباد، فى فاتحة سلطنته العظمى لازال للحرمين المحترمين خادما، ولأساس الجور والاعتساف هادما، وتجدد حرم بيت الله - عز وجل - بأمر العزيز المبجل، وعمّر عامر جوده، ما تضعضع من أركانه، بعد ما انتقض على جدرانه، مجدد جدران حرم البيت العتيق وسوره بأكمل الزينة وأجمل صورة، بعدما أبلاها الجديدان وأكل عيدان سقفها الأرضة والديدان،