الصحابة الكرام قد كبروا عند ولادة عبد الله، وفي يوم وفاته أظهر أعداؤه ذوي الخاتمة السوداء فرحهم وسرورهم مكبرين.
وقد أظهر عبد الله بن عمر عجبه وقال مشيرا إلى جند الشام: إنني أتعجب من هؤلاء الناس. إذ يكبرون فرحين مسرورين من فم واحد بمقتل عبد الله بن الزبير، بينما كان الصحابة الكرام قد كبروا وهللوا فرحين بولادته.
إن تعجب عبد الله بن عمر في مكانه، لأن عبد الله بن الزبير كان قد ولد بعد الهجرة النبوية بعشرين شهرا، وكان اليهود يقولون: إننا قد سحرنا المسلمين فإنهم لن ينجبوا ذكورا بعد الآن، وكان هدفهم من هذا تصديع صف المسلمين وإيذاءهم، فلما ولد عبد الله بن الزبير فرح المهاجرون والأنصار-رضي الله عنهم -واحتفلوا بولادته أيما احتفال وهكذا خاب اليهود وانزعجوا.
استدعى الحجاج عقب استشهاد عبد الله بن الزبير أمه ذات النطاقين، ولما لم تذهب إليه زارها في بيتها وقال لها: كيف وجدتني وقد قتلت ابنك عبد الله؟! قالت له:«إنك قد أفسدت لابني دنياه وأفسدت لنفسك آخرتك. وكان الرسول الأكرم-صلى الله عليه وسلم-قد أخبرنا بظهور كذاب ومهلك في بني ثقيف، وقد عرفنا الكذاب وهو المختار الثقفي أما المهلك فهو أنت».
[ترجمة حال ابن الزبير]
عبد الله بن الزبير (١) هو حفيد العوام أخو السيدة «خديجة بنت خويلد» - رضي الله عنها-زوج النبى-صلى الله عليه وسلم-أم المسلمين، وابن «أسماء بنت أبي بكر» الصديق-رضي الله عنه-هو وأبوه من زمرة صحابة الرسول-صلى الله عليه وسلم-السعداء وعند ما ولد افتتح حياته بريق النبي-صلى الله عليه وسلم-الذي يبعث الحياة وسمي باسم عبد الله المبارك الذي يشرف الناس.
وكان طيلة عمره حريصا على إحياء لياليه بالعبادة، وكان متصفا بالزهد والتقوى والعفة والشجاعة وعزة النفس والشهامة، وكان قد قسم ليالي عمره إلى ثلاثة أقسام: إذ حصر ليلة من لياليه للقيام والأخرى للركوع والثالثة للسجود.
(١) انظر ترجمته في الإصابة ٦٩/ ٤ - ٧١، المعارف (٢٢٤ - ٢٢٦)، تاريخ الطبرى ١٧٤/ ٦،٦٢٢/ ٥ - ١٨٧،١٧٥ - ١٩٣،وغيرها ..