وأحرقت الحرم الشريف، وإذا نظرنا لهذه الحالة فعلينا أن نفهم أن فأرا قد حمل فتيل ذلك المصباح المشتعل وتسلق سقف الحجرة وانتشرت النار من ذلك الفتيل إلى أطراف السقف وتسبب فى الحريق.
[تجديد المسجد الحرام]
ذاع خبر الحريق فى جميع البلاد الإسلامية وتأثر الجميع من هذه الواقعة التى تنفطر لها الأفئدة، فلما سمع بذلك الملك الناصر أبو السعادات فرج بن برقوق وهو من ملوك الشراكسة فى مصر أراد تجديد الحرم الشريف وإصلاح أماكنه الأخرى؛ فعين الأمير ببسق الظاهرى أميرا للحج، وعهد إليه بوظيفة أمانة الأبنية المقدسة السامية وأرسله إلى مكة المكرمة فى سنة ٨٠٣.
ووصل الأمير ببسق إلى مكة المكرمة وقام بتنفيذ ما عهد إليه فأمر بتطهير ساحة المسجد الحرام وتنظيفها وكذا الأماكن التى تعرضت للحريق وتعميق حفر الأسس، ثم بادر إلى جلب ما تمس الحاجة إليه من الأحجار والأخشاب، وأسرع بتجديد البناء وتحتم تجديد الجدران فى أواخر عام سنة ٨٠٤ هـ، وفى ظرف ثلاث أعوام أتم تجديد السقوف ثم أخذ يجدد السلاسل التى تعلق بها القناديل وفعلا علق القناديل التى أعدها من قبل، ثم أصلح وعدل مقامات الأئمة الأربعة (١) والمواقع التى تحتاج إلى التعمير على خير وجه، ثم عاد وكان قد جلب الأخشاب التى استخدمها لإصلاح السقوف الشريفة من قاهرة مصر فى سنة (٨٠٧).
وكان الأمير ببسق المصرى قد ترك أرض «رباط رامشت» المحترق على حاله
(١) قد جدد المقام الحنفى وعمره على التوالى ابن السلطان برقوق المصرى فى سنة (٨٥٧)، ثم الملك جاقمق المصرى فى سنة (٨٤٣)، ثم السلطان مراد خان الثالث فى سنة (٩٢٣)، وبعده بستة وعشرين عاما وفى سنة (٩٤٩) السلطان سليمان، وفى سنة (١٠١٧) السلطان أحمد خان، وفى سنة (١٥٤٣) السلطان مراد خان الرابع، وفى سنة (١٢٥٩) هـ السلطان عبد المجيد خان. وكان التعمير فى عصر برقوق وعصر جاقمق (٩٢٣) و (١٠١٧) هـ وجدد فى عام (١٠٤٣) من حجر شمليس، كما جدد (المقام الشافعى) فى سنة (٧٠٧) من قبل برقوق المصرى. كما جدد المقام المالكى والحنبلى فى سنة (١٠٤٣) من قبل السلطان مراد خان الرابع من حجر شمليس.