وعند ما انتفت الحاجة إلى سقاية الحجاج على النحو السالف لوجود ماء زمزم، كان عباس يجفف عنب الحدائق التى اشتراها فى الطائف ويمزج ماء زمزم بالزبيب، ويقدمه للحجاج وذلك اقتفاء لأثر والده.
ولما كان القيام بمهمة سقاية الحج فى زمن الهادى الذى منح النضارة لقلوب الناس القاحلة بماء حياة الإسلام، موكلة إلى عباس بن عبد المطلب بن هاشم، فقد تفضل النبى صلى الله عليه وسلم بإلقاء هذه المهمة فى يده بإسنادها إليه رضى الله عنه.
[مسألة]
- هل يجوز سحب السقاية من بنى عباس؟
والجواب: لا يجوز لأنها أسندت إليهم من قبل نبينا صاحب الشريعة عليه أجمل التحية وإذا كان إسناد خدمة السقاية المستقلة فى ظل نور الإسلام حقه أن يسند إلى أبى طالب بن عبد المطلب، فإنه كما سنوضح فيما بعد، فإن أبا طالب عند ما استبدت به الحاجة، اقترض مبلغا من المال من سيدنا عباس ولما لم يستطع سداد هذا المال، ترك سقاية الحج المسندة إليه عن طيب خاطر وتبرع بها إلى عباس بن عبد المطلب تسوية للدين.
وعند ما كان عباس بن عبد المطلب-رضى الله عنه-على قيد الحياة، كان يتولى بنفسه متابعة مهام سقاية الحجيج، وبعد وفاته انتقلت هذه الخدمة المقدسة إلى أولاده وأحفاده ثم إلى خلفاء بغداد، وفى النهاية انتقلت إلى يد أبناء الزبير ابن العوام.
[لاحقة]
فى أثناء خلافة وليد بن عبد الملك عين خالد بن عبد الله القسرى واليا على مكة، وبناء على رأيه المجانب للصواب أصدر الأوامر بأن يحفر بئرا فى كل من «ذى طوى» و «حجون» وذلك ليخفف عن الناس أزمة المياه (١).
وبما أن مياه هذه الآبار التى تم حفرها كانت أعذب من مياه بقية الآبار، فقد
(١) فيما يتعلق بانتقال السقاية إلى الزبير انظر ما جاء فى الصورة الأولى من الوجهة السابعة.