للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضا قد تضرروا ضررا شديدا، وفهم جيدا أن عودة عبد الله بن الزبير بمدد قليل من الجنود سيؤدي إلى انتصارهم لذا كتب الحجاج إلى عبد الملك ينبئه بأنه قد انتصر على عبد الله بن الزبير، إلا أن عساكره أيضا قد ضعفوا أشد الضعف وطلب منه أن يبعث له بمدد حتى ينتصر على عبد الله، فما كان من عبد الملك إلا ابتدأ بإرسال المدد.

واستصحب الحجاج القوة الاحتياطي التي أرسلت له من الشام، وعجل بحصار مكة المكرمة قبل أن يجمع ابن الزبير القوة اللازمة.

وانتوى ألا يقارب النساء وألا يتعطر وألا يترك السلاح قبل أن يقتل عبد الله ابن الزبير، وبناء على هذه النية نصب المنجنيق فوق قمم جبل أبى قبيس في السنة الثانية والسبعين من الهجرة، وضيق على أهل مكة الخناق حتى أصبح من المستحيل الدخول إلى أرض المطاف من جراء تساقط‍ الأحجار.

وقد وجد في هذه الفترة عبد الله بن عمر-رضي الله عنه-في مكة المكرمة بنية الحج وقد تأثر من هذه الحرب أشد التأثر، وأرسل إلى الحجاج الظالم يقول له: «يا حجاج إذا كنت تخاف من الله، فلا تلق الحجارة على المسجد الحرام. إن موسم الحج من الشهور المحرمة، قد اندهش الصلحاء من الأمة الذين أتوا لأداء فريضة الحج من هذه الوقعة، وقد أصبح من المستحيل الدخول إلى ساحة المطاف من جراء الحجارة التي تلقيها، على الأقل اترك الحرب والقتال إلى ما بعد العيد حتى يسقط‍ عن الناس فريضة الحج»،وبناء على هذا الطلب كف الحجاج عن الحرب والقتال، وأرجأهما إلى ما بعد انتهاء الحجاج من أداء نسكهم، وطلب من الحجاج أن يعودوا إلى بلادهم في الوقت الذي حدده، ثم شرع في الحرب مرة أخرى. وأهان كعبة الله بما أمطر عليها من الحجارة.

[حادثة غريبة]

بينما ابتدر الحجاج الغادر في إلقاء الحجارة على الساحة السعيدة الحرام ظهرت على وجه السماء سحابة سوداء مظلمة، وقد غطى الأقطار الحجازية ظلام دامس

<<  <  ج: ص:  >  >>