فى هجرة النبى صلى الله عليه وسلم إلى دار الأمن المدينة المنورة.
بعد أن أدخل-بتوفيق الله وإرادته-مصعب بن عمير كما ذكر فى الصورة السابقة كافة قبائل الأنصار إلى الإسلام ذهب إلى مكة المكرمة فى السنة الثالثة والخمسين من ولادة النبى صلى الله عليه وسلم ومعه خمسة وسبعون نفرا من أهل المدينة والتقى بسلطان الرسل عليه صلوات الله فى اليوم الثانى من أيام التشريق من السنة المذكورة فى شعب عقبة وأسرع بتقديم من فى رفقته إلى النبى صلى الله عليه وسلم بصورة عظيمة. وعقد البيعة (١) بناء على طلب رفقائه بشروط خاصة وذلك عند ما يشرف النبى صلى الله عليه وسلم بأنواره البهية المدينة المنورة أن يحموه مما يحمون منه أولادهم وعيالهم من الحادثات الكونية وأنهم سيبذلون له عونهم حتى إذا حاربوا فى سبيل ذلك ملوك العرب والعجم.
وعقب البيعة-التى شرحت-مد النبى صلى الله عليه وسلم يده التى أظهرت المعجزات فبادر بمد يده أولا أبو أمامة أسعد بن زرارة وعلى قول أبو الهيثم بن التيهان وعلى رواية أخرى براء بن معرور وقبل جميع الناس وعقدوا البيعة سبعين شخصا أو ثلاثة وسبعين رجلا شهما وامرأتين طاهرتى الذيل.
وكان أحد عشر منهم من القبائل الأوسية واثنين وستين منهم من خلفاء الخزرج الأربع وكانت إحدى النساء من سلالة بنى مازن وهى أم عمارة بنت كعب والأخرى أسماء بنت عمرو بن عدى التى ينتهى نسبها إلى بنى سلمة.
واختار النبى الأكرم عقب البيعة اثنى عشر رجلا من رؤساء القبائل ثلاثة منهم من الأوس وتسعة منهم من الخزرج وقال لهم: «كما كفل حواريو عيسى الأقوام
(١) وهى بيعة العقبة الثالثة: انظر سيرة ابن هشام ٨١/ ٢ تاريخ الطبرى ٣٦٠/ ٢ ابن سعد ١٤٨/ ١/١،والدّرر لابن عبد البر ص ٧٠ - ٧١.