فى ذكر أحوال المدينة الأولى وأطوار سكانها القدماء وأحوالهم.
بما أن أحوال الأقوام التى سكنت أرض يثرب السعيدة قبل الطوفان وشأنهم مجهولة فى نظر التاريخ فالمؤرخون أخبروا فقط عن أحوال القبائل التى سكنت فى المدينة المنورة بعد الطوفان، تكاثر أحفاد حضرة نوح «عليه السلام» وانقسموا إلى اثنتين وسبعين فرقة وانسحبت كل فرقة إلى المكان الذى اختارته وهاجر شخص يسمى «يثرب بن عبيل بن عوص بن إرم بن سام» أو «يثرب بن قائنة مهلائيل بن أدم بن عبيل بن عوص بن إرم بن سام» وعلى رواية «عملاق بن أرفخشذ بن سام» من الفرق التى تتحدث باللغة العربية مع أسرته إلى أرض يثرب وبعد أن ظل هناك فترة رحل إلى مكان يسمى «جحفة» من ملحقات المدينة المنورة.
كانت جحفة إلى ذلك الوقت مكانا لا اسم له، وعقب ورود يثرب بن عبيل فى ذلك المكان أخذت الأمطار تنزل بغزارة وظهر سيل كبير وأجحف بنى يثرب فقيل لذلك الموقع «جحفة».
وأخبر المؤرخون أن هذه الهجرة تتزامن مع حكومة كنعان بن حام من نماردة بنى حام، إلا أن المرحوم منجم باشى (١) قد ذهب إلى أن الطوفان قد وقع فى سنة ٦٧٩ وفى عهد إمارة فالغ بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح «عليه السلام».
وبناء على تدقيقات المؤرخين الذين قبلوا الرواية الثالثة أى الذين رووا أن الهجرة إلى أرض يثرب قد حدثت أولا فى عهد عملاق بن أرفخشذ بن سام وعندما كثر أولاد وأحفاد عملاق بن أرفخشذ والذى كان يشتهر بضخامة جسمه،