للحرمين الشريفين إلى سلاطين آل عثمان، بدأ الأهالى المجاورون فى التقاطر عليها يوما بعد يوم فتوفرت الأطعمة والبضائع بالتدبير وأصبحت هذه البلدة المشرفة فى موسم الحج تستوعب كل قوافل الحجاج التى ترد إليها واتسعت أرجاؤها وأصبحت قادرة على إيواء وإسكان كل الحجاج الذين يفدون إليها.
الشكل الثانى:
ما يقصده القطب المكى من قوله «إننى كنت أطوف بمفردى» هو إيضاح أن أجره وثوابه يكون أكبر لكونه يطوف منفردا، والواقع أن الطواف عبادة خاصة فإذا استطاع إنسان أن يوفق فى طواف البيت الأكرم منفردا فلا شك أنه لن يحرم من ثواب كبير يكفى لطواف كل المؤمنين، وخلو الحرم الشريف يكون قاصرا على بنى البشر فقط إنما لا يمكن أن تمر دقيقة واحدة عليه يكون خاليا من تدفق الملائكة الكرام وأصحاب الأجسام الشفافة اللطيفة، ومن الأولياء ذوى الاحترام الذين تخطوا مراتب الزمان والمكان العالية.
ولأن هذه الحال فى الظاهر مخالفة لعادات واعتقاد أهل الاستدلال، فإن كثيرا من الأشخاص قضوا أعمارهم كلها للحصول على لحظة واحدة للطواف بمفردهم حول الكعبة الشريفة.
لما كانت جميع العبادات وأقسام الطاعة الإلهية يشترك فيها الناس، فطواف الكعبة منفردا يعتبر عبادة لله بدون شريك وإذا استطاع إنسان ما أن يطوف الكعبة بمفرده يكون قد عبد الله تعالى بدون أن يشاركه فيها أحد حسب ظاهر الأمر.
[حكاية]
يروى أن واحدا من الأولياء كانت لديه رغبة حقيقية فى أن يطوف بالكعبة المعظمة بمفرده، وظل يتحين الفرصة لمدة أربعين سنة وفى النهاية وجد المطاف خاليا ذات ليلة فأخذ يطوف بمفرده. وفجأة رأى حية ضخمة تطوف معه فسألها قائلا «من أنت»؟ فأجابته الحية «إننى أتحين الفرصة التى تنتظرها من أربعين عاما بمائة عام من قبلك.