إن العجائب والأمور الخارقة للعادة التى ظهرت من صاحب المعجزات فى خيمة أم معبد غير قابل للتعريف والتفصيل ولا داعى لذكرها هنا لأن أكثرها قد ذكرت وحكيت فى كتب السير، إلا أننا رأينا لزوم ذكر المعجزة الآتية المنقولة عن هند بنت الجون لأنها غير مذكورة فى كتب السير التركية.
[المعجزة]
قالت هند بنت الجون: «إن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم غسل يدى إعجازه الشريفتين فى خيمة خالتى أم معبد ثم تمضمض ثم نثر المياه التى ملأ بها فمه المبارك بجانب جذور شجرة العوسج (١) التى فى خارج الخيمة؛ ولما خرج الرسول الكريم من الخيمة وآن وقت الليل نمنا كالعادة.
ولما أصبح الصبح رأينا أن العوسج قد أصبح شجرة كبيرة مثمرة وعليها ثمار فى لون «الورس» وفى حلاوة العسل ذات رائحة طيبة، ولما ثبت بالتجربة أن الذين يأكلون من ثمار هذه الشجرة يشبعون إذا كانوا جائعين ويرتوون إذا كانوا عطشى ويشفون إذا كانوا مرضى، والنياق والنعاج التى تأكل أوراقها تدر لبنا كثيرا ومن هنا أطلقنا عليها اسم المباركة، ولما انتشرت هذه المعجزة بين عربان البادية فإذا ما كان فى أية قبيلة أصحاب الأمراض المزمنة كانوا يأتون لزيارة الشجرة ويأكلون من ثمارها فيشفون من أمراضهم، وبعد خمسة أو عشرة أعوام سقطت جميع ثمار الشجرة وذبلت أوراقها وعقب ذلك تلقينا خبر ارتحال الرسول صلى الله عليه وسلم عن دنيانا، وبعد فترة نمت الشجرة وكبرت وأدمت كذلك ما يقرب من ثلاثين عاما، فرأينا فى صباح يوم ما أن ثمارها سقطت وتحولت من أسفلها إلى أعلاها إلى شجرة الشوك، وذهبت عنها نضارتها واصفرت وإذا بعلى بن أبى طالب كان قد ارتحل عن دنيانا.
وبعد هذه الواقعة لم تثمر شجرة العوسج إلا أننا كنا نستفيد من أوراقها، وبعد
(١) هى شجرة شائكة إذا تناول أوراقها الجمال أصابها المرض.