للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الصديق الأكبر فى انتظار الهجرة (١) من مدة طويلة وقدم أحد الجملين اللذين يملكهما إلى قائد القوافل (عليه أقوى التحايا) بثمانمائة درهم.

كما نبه الدليل وعرفه أن يتواجد فى جبل الثور وهو عبد الله بن أريقط‍ أو عبد الله بن أريقد من رجال قبيلة «دؤل» بعد ثلاثة أيام وخرج فى رفقة النبى صلى الله عليه وسلم إلى الطريق ودخلا فى غار الثور خامس يوم الاثنين لبيعة الأنصار الأخيرة.

بعد أن ظل قائد جيش الأنبياء عليه سلام الله الأعلى فى غار الثور ثلاثة أيام توجه إلى المدينة المنورة يوم الاثنين (٢) الأول من شهر ربيع الأول وظهرت على يديه معجزات كثيرة فى أثناء الطريق.

وانحرفا عن الطريق المعهود الشهير سارا على شاطئ أرض عسفان مدة مديدة وفى النهاية وجهوا مطاياهم ناحية وادى القديد وبعد أن قطعوا مسافة قليلة فمروا بخيمة «أم معبد» الخزاعية التى كانت منصوبة فى ذلك الوادى.

كانت طائفة الجن أخبرت أهل مكة بنزول محمد صلى الله عليه وسلم ضيفا على أم معبد، إذ يروى عن أسماء بنت أبى بكر بن قحافة-رضى الله عنهما-أنها قالت: «عندما خرج النبى صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة لم نستطع أن نحدد خط‍ سيره»،وأتى إلى منزلنا عدة أشخاص من المشركين الذين يبحثون عنه-عليه السلام-ومعهم أبو جهل وسألونى عن والدى، وقد أجبناهم قائلين «والله إننا أيضا لم نعرف بعد مكان وجودهم» فصفعنى أبو جهل على وجهى صفعة عندما تلقى منى هذه الإجابة وكانت صفعة الخبيث شديدة بدرجة أنها أوقعت قرطى من أذنى، ثم تلا أحد الأشخاص البيت الذى يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتى أم معبد

وإذ سمع صوت قائل البيت المذكور ولم ير شخصه قد فهمنا أن القائل من طائفة الجن كما فهمنا من مدلول البيت السابق أن الرسول الأكرم فى خيمة أم معبد.


(١) انظر فى حديث الهجرة: الطبرى ٣٧٥/ ٢،ابن هشام ١٢٣/ ٢ وابن سعد ١٥٣/ ١/١،والدرر ص ٨٠ وما بعدها.
(٢) هناك من يقول أنه كان يوم الخميس.

<<  <  ج: ص:  >  >>