عليهما السلام-فى الليلة التى نام فيها على بن أبى طالب على فراش النبى صلى الله عليه وسلم» وقال لهما «فإذا ما جعلتكم إخوة وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر فأى واحد منكم كان يريد أن يكون عمره أطول من عمر أخيه؟»،عندئذ قال الله تعالى «إننى جعلت عليا أخا لحبيبى، قد ضحى على الليلة بعمره لأجل أخيه وقدم موته على حياة أخيه، لماذا لم تصلا إلى درجته فى كمال الأخوة؟ مادامت فضيلة هذه تفوق فضيلتكم، اذهبا الليلة واحفظاه من أعدائه واحمياه».
وبناء على هذا الأمر الإلهى وقف جبريل أمام رأسه كما وقف ميكائيل أمام قدميه وشغلا بحفظه، حتى إن جبريل-عليه السلام-يهنئ تضحية على هذه قائلا:«يا أيها السعيد ابن أبى طالب، إن الله تفاخر بك على ملائكته».
وقد اجتمع فى تلك الليلة بعد أن أظلم الجو أبو جهل وأبو لهب، أبى بن خلف وبنيه، منية ابن حجاج، النضر بن الحارث، عقبة بى أبى معيط،الحكم بن العاص، طلحة بن عدى من قبل هيئة دار الندوة.
وبعض الملاعين من سائر أقوام العرب وتحت قيادة بعضهم اجتمعوا لينفذوا الفكرة المستحيلة وهى إعدام حبيب العلام وحاشا وتوجهوا نحو منزل سلطان الأنبياء، ليقوموا بإجراء ما فى ضمائرهم من الفكرة الخبيثة، وأحاطوا ببيت النبى صلى الله عليه وسلم من جميع جهاته حتى لا يفلت من أيديهم وحرسوه حتى الصباح متناوبين، وكان ترك إجراء هذا الأمر دسيسة مدبرة من أبى لهب حتى يعلم أبطال بنى عبد المطلب وشجعان بنى هاشم أن العرب متفقون فى إجراء هذا الأمر، مع أن سلطان بلاد الرسالة (عليه أقوى التحية) خرج بكل وقار وإجلال من بيته فاتحا بابه مع أنه محاط بملاعين المشركين، وأخذ من الأرض حفنة من التراب وقرأ عليه سورة يس الجليلة ونثره فوق أذلة المشركين المحتشدين وخرج من بينهم كالروح السائرة وذهب إلى بيت الصديق الأكبر السعيد.
إن التراب المنثور فوق الكفار المحتقرين الذين يحيطون بدار النبى ذات الفيوضات الباهرة قد أعمى عيونهم بحكمة الله-تعالى-ولم يروا النبى صلى الله عليه وسلم وكل من أصابه هذا التراب قد أصبحوا هدفا للمرض والموت.