للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هذا الابن الذى استعد لوضع السكين على عنقه هو ثمرة فؤادى وابنى الغالى. وإنه أحب الناس إلى»،وكان قصده من هذا أن يعرض على أرحم الراحمين ما بقلبه من رقة وشفقة، ولما انتهى من كلامه إذا به يسمع هاتفا من الوحى يقول: «يا إبراهيم أنسيت الليلة التى دعوت فيها بهلاك عبادى؟! إذا كنت رحيما بابنك على هذا النحو وأنا أيضا رحيم وشفيق على عبادى ألا تعرف أننى أنا الرحيم؟! لقد أردت هلاك عبادى وأنا فى المقابل أريد ذبح ابنك.

[تكليف حضرة الخليل ببناء الكعبة المعظمة]

كانت إقامة إسماعيل-عليه السلام-مع أمه السيدة هاجر فى الوادى المقدس غير ذى زرع مقدمة لتأسيس قواعد البيت المعظم، لذا تحمل إبراهيم-عليه السلام-كل ما سبق ذكره من الصدمات تحملها صابرا دون قنوط‍.قد أمر إبراهيم-عليه السلام-بتأسيس كعبة الله. قبل ولادة إسحاق-عليه السلام- بثمانية أو (١٤) أو (١٨) أو (١٧) عاما (١) وبعد حادثة الذبح بسبعة أو (١٣)، أو (١٧) أو (١٦) (٢) عاما (٣).

وبما أنهم لا يعرفون حسب عجزهم البشرى مكان بيت الله فقال رب العزة «يا إبراهيم اتبع سكينة» وهى ستدلك على مكان الكعبة.

ذلك لأن الموضع المقدس لكعبة الله كان معروفا للبشر حتى طوفان نوح الذى أغرق الدنيا غطّى الطوفان ببحر رماله مكان البيت فتركه مجهولا بدون أية علامة، ومع هذا فإن السيول التى تكونت من شدة هطول الأمطار كانت تتحاشى الأرض المباركة للبيت الشريف وتطوف من حول أركانها الأربعة. والذين رأوا هذه العلامة الميمونة عرفوا أن هذا المكان بالذات مكان مبارك مقدس واعتقدوا


(١) القول الثالث مرجع على القول الأول والثانى.
(٢) الرواية الثالثة مرجحة على الروايات الأخرى.
(٣) كان عمر إسماعيل فى ذاك الوقت ثلاثين أو عشرين عاما كما أن إبراهيم-عليه السلام-كان قد دخل فى المائة من عمره المبارك.

<<  <  ج: ص:  >  >>