وواقع الأمر أن هذه الدعاوى كانت واهية فإن لم يؤت بأحجار من خارج الكعبة لا يتأتى لجدران الكعبة أن تبلغ ارتفاعها القديم، وما لم تسو الأحجار المتهشمة وتصلح لا يمكن إعادتها إلى مواضعها القديمة وذلك أخذا بأصول فن العمارة، أما إلصاق جدار آيل للسقوط بآخر بنى حديثا فغير جائز لأن مصيره الانهيار.
[رغبتهم فى عدم تنظيف الحرم الشريف]
وإن كانوا قد أشاروا إلى أن إدخال الجمال والحمر وسائر حيوانات الحمل إلى المسجد الحرام سوف يخل بما ينبغى من نظام، فإن الاعتماد على الإنسان فقط فى نقل حصى موضع ثبت أنه يخرج منه أكثر من أربعين ألف حمل حصى يوميا قرابة شهر على نحو ما سلف شرحه يستلزم نفقات باهظة، فضلا عن أن هذا سوف ينفذ فى مدى خمس أو ست سنوات وفى تلك المدة سوف يحرم الحجاج القادمون من الطواف والزيارة فى مواسم الحج وهل صح فى الفهم أن يجيز ذلك جاهل فكيف يجيزه عالم، وإن جاز إقامة ساتر من الخشب حول الكعبة الشريفة وتنظيف ما يجب تنظيفه من مواضعها، والوفاء بتعظيماتها طبق ما تفيده الفتاوى الشريفة المدرجة فى خاتمة المقال، فإن رضوان أغا حصل على فتوى بعدم تدريس صحيح البخارى داخل البقعة المقدسة، وشرع فى تنفيذ ما تستوجبه مهمته. رضى الله عنه وعمن أصدروا له الفتاوى أجمعين.
[تكليف رضوان باشا بإعادة بناء بيت الله]
أرسل محمد على باشا والى مصر رسالة إلى الباب العالى يخطره فيها بسقوط بيت الله على نحو ما سلف ذكره، وأرفق هذه الرسالة بالتقرير الذى ورد من الشريف مسعود بشأن هذه الحادثة الهامة، وتلافيا لوقوع أى بلبلة عرض الأمر على حضرة السلطان دون أى تأخير وصدرت أوامر ملجأ الخلافة العظمى ببناء وترميم تلك البقعة المباركة وإعادتها إلى حالتها الأولى.