كان أمر هدم مئذنة باب السلام قد صدر من سليمان بن عبد الملك لأن تلك المئذنة تصادف اتصالها بمنزل مروان بن الحكم، هل من الممكن ألا يتأسف إنسان لمثل هؤلاء الحكام الذين يحافظون على حرمة منازلهم بهذه الدرجة ثم يقدمون على هدم حجرات النساء الطاهرات؟ وهل هناك وقاحة أكبر من ذلك؟
انتهى.
وكان ارتفاع هذه المآذن الثلاث-كل واحدة منها-ستين ذراعا وكان سطح قاعدة كل واحدة منها أربعة وستين ذراعا مربعا وكان ارتفاع المئذنة الحبشية فى الزاوية الغربية خمسين ذراعا، وعلى قول البعض أن المئذنتين اللتين على زاويتى الجدار الشامى كانتا قصيرتين على شكل أبراج، وكانت المئذنتان اللتان على الجدار القبلى طويلتين مثل مآذن عصرنا هذا.
وقال بعض المؤرخين إذا ما قيست هذه المآذن من قاعدتها إلى أعلى قمتها فإن المئذنة، الرئيسية يبلغ ارتفاعها ١٢٠ ذراعا والشرقية يعنى السنجارية ٧٩ ذراعا والمئذنة الغربية أى الحبشية ٧٢ ذراعا، إلا أن شيخ الخدمة فى عهد الملك الناصر محمد بن قلاوون من الملوك المصرية كافور المظفرى الحريرى (١) جدد بناء المئذنة التى هدمها سليمان بن عبد الملك فى سنة ٧٠٦ هـ فأصبح المسجد الشريف ذا أربع مآذن بعد أن ظل إلى سنة ٦١٥ هـ بثلاث مآذن بهدم سليمان بن عبد الملك مئذنة باب السلام، وبينما كان يحفر أساس مئذنة باب السلام ظهر باب صغير يفتح إلى باب مروان وكان هذا الباب منخفضا عن سطح المسجد الشريف قدر قامة رجل وكان مصراعه المصنوع من خشب الساج لم يبل بعد، وعندما عمقوا الحفرة أكثر من ذلك وجدوا مجرى ماء لا يعلم منتهاه، وكان هذا المجرى قد أدخل من ساحة الحرم الشريف الرملية القديمة ولما كان لون الرمال المفروشة فى هذا المكان شديد السمرة فهم أنه قد جئ به من جبل سلع.
(١) كان هذا الشخص قد عين شيخ الخدمة بعد أن مات عزيز الدولة.