عمر، عبد الله بن عامر ابن ربيعة، خارجة بن زيد من فقهاء المدينة وقال لهم إننى دعوتكم لأرجو عونكم فى تدبير أمور الحكومة وإدارتها.
وإذا لم ينضم إلى رأيى رأيكم جميعا أو بعضكم فلن أتخذ أى قرار قط، وبناء عليه فإذا استمعتم إلى أى شئ يخرج عن الحدود الشرعية فعليكم فى المسارعة بإخطارى وشارك الفقهاء المشار إليهم بالمشاورة والمذاكرة.
وحتى ذلك التاريخ لم يكن لمسجد السعادة لا محراب ولا شرفات، فأحاط عمر بن عبد العزيز حوائط مبانى المسجد دائرا ما يدور بالشرفات، وقوى ميزابه ودعمه وما برز من السقف بأن صب عليها الرصاص وبعد ذلك نصب محرابا فى غاية الجمال.
وإن كان جمهور المؤرخين يصدقون أن عمر بن عبد العزيز هو أول من أمر بصنع محراب لمسجد السعادة، إلا أنهم اختلفوا فيمن صنع الشرفات، إذ قال بعض المؤرخين، إن الذى أمر بصنع شرفات مسجد السعادة هو عبد الواحد بن عبد الله النصرى والي المدينة فى سنة أربعمائة هجرية، وبما أنها احترقت فى الحريق الأول جددها فى سنة ٧٦٧ هـ الأشرف شعبان بن حسين بن محمد من ولاة المدينة إلا أن أكثر مؤرخى المدينة ولا سيما المشهورين منهم الذين يؤيدون أقوالهم بالأدلة الموثوقة ترددوا فى تصديق هذه الرواية وقروا أن الشرفات أيضا من آثار عمر بن عبد العزيز.
المآذن: حتى عصر عمر بن عبد العزيز لم تكن للمسجد النبوى الشريف مئذنة وقد أمر المشار إليه بصنع أربع مآذن على زوايا المسجد الأربع على أن تكون مئذنتى زاويتى جدران القبلة أعلى قليلا من مئذنتى زاويتى جدران الجهة الشامية، وبهذا كان هو مؤسس مآذن مسجد الرسول إلا أن بعد ذلك غيرت أى فى خلال السنة الهجرية (٩١) أمر سليمان بن عبد الملك بهدم مئذنة باب السلام، لسفسطة تزعم أن المؤذنين يرون أهل دائرتى وعلى هذا ظل مسجد السعادة قائما بثلاث مآذن لمدة ستمائة وخمسة عشر عاما.