للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجابته: «إذا كان هذا هو أمر الحق؟ فإن الله خير الحافظين سيحمينا ويحفظنا، فتلقى إبراهيم هذه الإجابة من زوجته ورجع-وكان سيدنا إسماعيل فى ذلك الوقت فى الثانية عشرة من عمره.

[تنبيه]

لا يجوز لأى إنسان أن يترك أولاده وزوجته فى البرية والخلاء تقليدا لسيدنا إبراهيم، فحضرة الخليل عمل بالوحى الإلهى وتوكل على الله وهو يعلن أن الله خير الحافظين سيتولى حفظهم.

وتوكل عامة الناس لا يمكن أن يشبه توكل الرسل الكرام أولى العزم، الذين ذكروا فى هذا البيت:

أولو العزم نوح والخليل بن آزر ... وموسى وعيسى والحبيب محمد

وتقليد هذا العمل غير مشروع، وجاء فى بعض الروايات أن السيدة هاجر عند ما رأت نفسها وقد تركت وحيدة فى ذلك الوادى الغير ذى زرع تتبعت زوجها وقالت له: «هل تتركنا وتمضى عائدا؟ ولم تتلق منه إجابة بنعم أو لا فسارت وراءه حتى جبل» «كدا» وعند ما وصل سيدنا إبراهيم إلى الجبل المذكور التفت وقال: يا هاجر، إننى أستودعك الله أمانة عنده؛ فقالت له: إذا كان قد أوحى إليك بهذا. فإن الله الواحد الأحد-الذى تركتنا فى كنفه-كافينا وكافلنا .. ثم عادت إلى جانب إسماعيل وصعد زوجها المكرم إلى قمة الجبل سالف الذكر.

فلما رأى أنه ترك زوجه وابنه فى مكان موحش خال من آثار العمران والزرع، تأثر من فرط‍ الرحمة والشفقة ودعا الله قائلا:

{رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (إبراهيم:٣٧) ثم رجع إلى الشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>