لما كانت الروايات كثيرة فى بداية ظهور القرامطة ولما سيذكر ما يلزم ذكره فى مكانه فيما يأتى فلا داعى لتفصيله هنا.
بناء على رواية أن شرارة شر وفتن هؤلاء الخونة اشتعلت فى سنة ٢٦١،وفى زمن المعتمد على الله، وعلى رواية أخرى فى عصر الخليفة المعتضد بالله سنة ٢٨٩،وأخمدت سنة ٣٧٣،أو فى سنة ٣٧٦ أى فى عصر الطائع بالله وعلى قول سنة ٣٨٤ أى فى ابتداء خلافة القادر بالله.
وبناء على هذا التقدير فإن الخبثاء القرامطة استمروا فى إجراء شقاوتهم ثمانين عاما أو مائة وثلاثة عشرين عاما إلا أنهم لم يستطيعوا أن يقيموا حكومة قوية فى هذه المدة.
أول من ظهر من القرامطة أبو سعيد حسن بن بهرام الجنابى. وكان هذا الخبيث من أهالى قرية جنابة القريبة من أهواز وكان يعمل بالبصرة وزانا. وذهب فى فترة إلى بلاد البحرين حيث تظاهر بالتقوى والتدين واخترع اعتقادات عجيبة باطلة وخدع الناس وانقاد له بعض الحمقى من العربان والبلهاء وبايعوه.
وكانت غاية أبى سعيد من فعله هذا أن يحلّ ما حرمه الشرع، وأن يخرج بهذه الدسيسة إلى حيز العمل، لأن التمرد الذى فى ضميره لم يكن جائزا شرعا، وكان يعرف أن الناس لن يصدقوه ولن يتبعوه.
وفى الواقع أضل بعض القرامطة مثل على بن يعلى الذين لا يبالون بالدين كثيرا، واستولى على مدينة القطيف حربا أولا ثم هجم على نواحى البحرين ونهب أموال سكانها واغتنمها، وقتل خلقا كثيرا وهكذا أجرى حكمه الظالم الشقى حسبما يريد.
وأطمع شخصا يسمى يحيى بن ذكرويه، وأخرجه ليضر الناس وهو يجول