كانت العلامة الفارقة لرأس النبى الشريف فى الصدر الأول صندوقا مغطى بألواح فضية، وكان هذا الصندوق بجانب العمود الملاصق لجدار القبر وكان ذلك العمود فى منتهى الناحية الغربية لجدار الحجرة المعطرة وفى محاذاة أسطوانة التوبة وأسطوانة السرير، وزمن وضع ذلك الصندوق وتاريخه يكاد يكون مجهولا فى نظر التاريخ إلا أنهم يروون أنه قد وضع قبل حريق سنة خمسمائة وثمانين رواية قوية ولا شك فى صحة هذه الرواية، وكانت فى جهة رأس الرسول شجرة مزينة فوق الصندوق الصغير تحيط بالأسطوانة المثبتة بجانب الرأس، ولما احترقت هذه الشجرة من الصندوق فى الحريق الثانى ركزوا مكانها عمودا رخاميا وكتبوا عليه بخط جميل البسملة الشريفة والصلوات المنيفة ووضعوا بجانب العمود صندوقا صغيرا، والآن فعلامة الرأس الشريف النبوى هذا العمود.
ومازال ذلك الصندوق الصغير موجودا ولكنه تحت غطاء قبر السعادة، ويوضع فيه كل سنة خشب الصندل الهندى ويؤخذ القديم منه وبقيت هذه العادة من عهد عمر بن الخطاب وقد حفظ بالصندوق ماء الورد والعنبر والصندل لتبخير المسجد والأشياء الأخرى فى داخل ذلك الصندوق وقد أصبح وضع الأشياء المذكورة فى داخل ذلك الصندوق فى حكم العادة لدى الخلفاء والملوك الذين بعده؛ ولكن مسجد السعادة اتسع وكثرت تلك الأشياء الواردة لتبخير المسجد فاستصوبوا وضع تلك الأشياء فى أماكن أخرى مكتفيا بوضع الصندل الهندى فقط داخل ذلك الصندوق علامة رأس النبى الشريف صلى الله عليه وسلم.