يقضى عليها لأن المطر عند ما ينزل كالرذاذ يبلل القمامات والمخلفات المتراكمة حول الأحياء السكنية، فتتخمر بتأثير الحرارة وتتصاعد منها أبخرة ضارة وعند ما تغيب الشمس فإن المواد الضارة المذكورة تهبط فى الليل على هيئة الندى فتصيب الذين يتعرضون لها بالعلل والأمراض.
ولكن إذا ما انهمر المطر بغزارة فإن السيل الناجم عنه يدفع القمامات والمخلفات المتراكمة من الطرقات إلى أماكن بعيدة ولا يبقى أثر للعفونة. كان فيما مضى ناحية «المعلى» حوض كبير قديم خرب يسمى «بركة مصر» وكان هذا الحوض الواسع جديرا بأن يسمى منبع مرض الحمى، فقد كانت قمامة البيوت والحوانيت الموجودة بجواره وجثث الحيوانات النافقة مثل الإبل والخيل والقطط والكلاب التى تهلك فى المناطق القريبة منه تلقى فى هذا الحوض، وأصبح هذا الأمر بمثابة العادة المرعية لدى الناس؛ لذا كلما هطلت الأمطار تتراكم المياه فى الحوض وتؤدى بتأثير حرارة الشمس إلى تحلل الجيف وتتصاعد منها رائحة العفن، وتنتشر الأبخرة فى كل الأماكن مما يفسد نقاء الهواء وصفاء الجو فى تلك المنطقة ويكون سببا في ظهور الأمراض القاتلة.
ولما كان مصطفى جامى باشا-المغفور له صاحب التصانيف التى لا حصر لها -ياورا فى إمارة الحجاز، قام بسد الحوض المذكور ومقالب القمامة القريبة منه وملأها بالحجارة والتراب، واقتلع تماما الأسباب التى تؤدى إلى ظهور كل أنواع الأمراض، التى يروى أنها تظهر فى مكة المكرمة متبعا القواعد الصحية فى هذا ولهذا لم يبق في الأرض العطرة لكعبة الله أى من الأسباب الظاهرة التى تؤدى إلى انتشار الحمى وكل أنواع الأمراض.
[نصائح لمن يذهبون إلى الحجاز]
أن يكون طعام الإنسان وشرابه ولبسه وتنزهه ونومه وقيامه يوافق عادات موطنه الذى تربى فيه، بل إن مزاجه وميوله وطباعه تكون متوافقة لهواء هذا الموطن. وبناء على هذا عند ما يغادر الإنسان المكان الذى ولد فيه وعاش وتربى