للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحة الأبدان، قدر المستطاع والاهتمام بنظافة أماكن إقامتهم وتطهيرها من القاذورات من الأمور التى أوجبها دينهم.

ونتيجة لهذا الجهل وطمعا فى تقليل النفقات يستأجرون غرفا صغيرة ضيقة، ويسكن سبعة وثمانية منهم فى هذه الغرف السيئة التهوية، حيث لا يستطيعون أن يتنفسوا إلا بصعوبة، ويأخذون فى طهى طعامهم فوق «الكانون» وهم أحرص الناس على شراء العطور والهدايا التى سيحملونها إلى بلادهم.

نعم يطبخون ويرمون فضلات أطعمتهم أمام الباب لكنهم يغفلون عن أن هذه الفضلات ستفسد بفعل الرطوبة وتصيبهم بالعلل والأمراض فيمرض الواحد منهم تلو الآخر. وهكذا يحرمون من زيارة أكثر الأماكن المقدسة.

إن ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف من لحظة لأخرى ورائحة الطعام المطبوخ فوق «الكانون» فضلا عن حرارة الموقد كل هذا يجعل الغرف تلتهب مثل الآسن المسلوق، ومع زيادة آثار الروائح العطرية والماء القذر الذى يسكب أمام الأبواب، مع القاذورات التى تتراكم بعضها فوق بعض تفسد وتتحلل بتأثير الرطوبة فتزيد عفونة المكان، فتنتشر جميع أنواع الحمى وكل الأمراض الضارة وسرعان ما تنتقل العدوى من أحد المقيمين فى هذه الحجرات إلى زملائه فيمرضوا كلهم دفعة واحدة ويعانون من قسوة المرض.

وبناء على هذا الوصف فإن مكة المعظمة لا تخلو فى أى وقت من الأوقات من الحمى، ويلزم أن يتعرض أكثر الحجاج لهذا المرض ويصبحون على مشارف الموت. إلا أن هواء هذه البقعة المقدسة جاف ونقى وصحى لذا، فمن النادر أن يتطور المرض تطورا شديدا فيتحول إلى الحمى المهلكة كما يحدث فى الأماكن الرطبة، وذلك بلطف الله وفضله.

وبالرغم من أن أمراض الرقعة الحجازية السعيدة كلها من أنواع الحمى؛ فإن هذه الأمراض تنتشر فى أوقات الجفاف عند ما يقل معدل هبوط‍ الأمطار. وعلى العكس من هذا إذا انهمر المطر بغزارة وتصادف معه ظهور الأمراض فإن المطر

<<  <  ج: ص:  >  >>