المعروفين وخاصة عمر شيبى أفندى حاجب بيت رب الأرباب وكل الحضور فى داخل بيت الله قاموا كلهم بترديد الأدعية المناسبة لحضرة الخليفة ثم انصرف الجميع شاكرين فرحين وذلك فى عام ١٢٩٦ هـ.
وهذا الخوف الذى شغل بال الجميع لسنوات طويلة من سوء عاقبة رفع العلم لم يظهر له أثر، بل إن الأهالى الكرام والمجاورين ذوى الاحترام شعروا بالسعادة والافتخار، وإن رفع العلم فى الواقع كان عملا موفقا وينتظر منه فوائد جمة فى المستقبل. ونحن بالنيابة عن الأمة الإسلامية العظيمة نقدم شكرنا للباشا المشار إليه على هذه الخدمة الجليلة.
إن مكة المفخمة بلدة مباركة ومقدمة سعيدة تفوق كل بلاد الدنيا عظمة ويمنا، ولحكمة ما كانت ممرا لكثير من الأحداث المفزعة المؤلمة والانقلابات الدامية والمصادمات التى عانتها تفوق كل وصف وحصر؛ لذا رأينا أن نذكر بعضها للتدليل على صحة ادعائنا.
[استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة]
ظهرت بوادر طائفة القرامطة الباغية المفسدة ولم تنج هذه البلدة المباركة من فسادهم وشرهم وفوضاهم، بل إن فرقة «ابن زكرويه» التى استولت على منطقة الشام هاجمت إحدى قوافل الحجاج المتجهة إلى المدينة المنورة وأعملوا فيهم سيوفهم حتى لم يبق واحد منهم على قيد الحياة، وذلك فى عام ٢٨٩ هـ.
يروى أن عدد الحجاج والمسلمين الذين قتلتهم سيوف أجداد القرامطة من هذه القافلة تجاوز عشرين ألف حاج، أما الفرقة الملعونة التى تسلطت على الأراضى الحجازية المباركة والتى تنتسب إلى أبى طاهر القرمطى فقد هجموا على مكة المعظمة بغتة وعاثت أقدامها فسادا وشؤما فى الحرم المطهر للمسجد الحرام.
عند ما هجم أبو طاهر على مكة المعظمة كان بداخل المسجد الحرام ثلاثون ألفا من الأبرياء وكان أكثرهم فى ملابس الإحرام وكان القليل منهم داخل كعبة الله فلم ينج أحد منهم من سطوة سيف الغدر والعذاب، وهدموا كثيرا من المبانى