للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن لشدة الأسف أن ما ذكر من الهدايا القيمة أو ما لم يذكر قد أنفقت واستهلكت من قبل ولاة الحرمين لإطفاء نار الفتن والشغب التى شبت فى الحرمين، وهكذا خلت خزينة بيت الله مدة طويلة من هدايا الملوك والسلاطين.

وكان السلطان مراد خان الثالث ابن السلطان سليم الثانى قد أرسل ثلاث قطع من القناديل (١) لا مثيل لها فى النفاسة وجمال الشكل. واستقبل أهالى مكة المكرمة «محمد جاوش» حامل القناديل المذكورة بكل حفاوة وأوصلوه إلى حرم المسجد الحرام، حيث قرئ الأمر السلطانى السنى فوق كرسى خاص لذلك، وكسى خلعا فاخرة لبعض الناس الذين اعتيد حضورهم قراءة الأمر السلطانى، وبهذا غمرهم الفرح والسرور وذلك فى سنة ٩٨٥ هـ‍ كان محمد جاوش (٢) كاتبا للأبنية المقدسة فى عمارة السلطان سليم، ثم أصبح بعد ذلك مربيا للسلطان مراد خان الثالث، ولما أريد مكافأته لخدماته الكثيرة كلف بحمل القناديل المذكورة وتوصيلها إلى مكة المكرمة، ومعها الخلع الفاخرة التى أنعم بها السلطان على الشريف «أبو نمى بن بركات» والقاضى «حسين بن أبى بكر الحسينى» وشيخ مكة «لطفى بك زاده» وأمين المبانى «أحمد» بك ووصل إلى مكة فى خلال سنة ٩٨٤ هـ‍ (٣).

[الذيل]

وقد أصبح استقبال الهدايا السلطانية المرسلة إلى كعبة الله بكل توقير وحفاوة عظيمة في حكم العادة لدى أهالى مكة المكرمة، وكذلك قراءة الأمر السلطانى على كرسى فخم سلطانى، وكانت مراسم تبادل الولاة تتم على نفس الصورة.

وقد حضرت أنا جامع حروف هذا المؤلف فى سنة ١٢٨٩ مراسم قراءة الأمر السلطانى السنى الذى يتضمن تعيين محمد باشا واليا على الحجاز.


(١) كانت هذه القناديل مصنوعة من الذهب ومرصعة بحجارة كريمة ثمينة، وكانت صناعتها في غاية الجمال.
(٢) إن الشخص المعروف ب‍ محمد باشا هو محمد جاوش وبعد أن أصبح مربيا للسلطان مراد خان الثالث رقى إلى رتبة أعلى وأسندت إليه الوزارة فيما بعد.
(٣) وفى قول آخر إن محمد جاوش وصل إلى مكة سنة ٩٨٥ هـ‍.

<<  <  ج: ص:  >  >>