فى ذكر الروايات التى نقلت من الآثار الموثوقة والأخبار الصحيحة فى فضل
ورجحان المدينة المنورة على سائر الممالك.
لا يخفى على أهل الرأى المخلصين أن التراب الطاهر الذى التصق بجسم نافع الكونين المحمدى فى المدينة المنورة أفضل من جميع بقاع الأرض وحتى من البيت الأعظم والعرش المعظم، ولأجل ذلك يفضل العلماء الأجلاء المضجع الجليل المقدس على السماء التى تفوق الأرض فى الأفضلية والرجحان.
وإن كان لا يشك فى أفضلية مكة المكرمة والمدينة المنورة على البلاد الأخرى ورجحانهما، إلا أن المسألة الأصلية فى رجحان أحدهما على الأخرى وترجيحها.
بعد أن اختلف علماء الأسلاف فى هذه المسألة كثيرا رأى عمر بن الخطاب وكثير من الذوات المحترمين من الأصحاب الكرام وعلماء البلدة المقدسة الطيبة تفضيل المدينة المنورة على مدينة مكة المعظمة وقال الإمام أحمد إن هذا الاختلاف فى الأماكن الأخرى من مكة المكرمة، لأن البقعة المحترمة (كعبة الله) أفضل من مرقد رسول الله.
وبهذا الحكم فضلت مكة المكرمة على المدينة المنورة، قد رأى الإمام مالك صواب القول الأول وقال إن المدينة أفضل من مكة المكرمة لأن التراب الذى يلتصق بجسم صاحب الرسالة محمد صلى الله عليه وسلم أشرف وأجل من رجحان جميع بقاع الأرض المنيرة، والفقرة الثانية من ادعائه أى أن التراب العاطر الذى يلتصق بجسم المصطفى صلى الله عليه وسلم مفضل على جميع البقاع الأرضية قد صدقت من قبل جميع الأئمة.
إن البلدة المقدسة البطحاء قد اكتسبت شرفا سابقا بالاستناد إلى حضرة إبراهيم