إن الحمد والثناء والمحامد لله سبحانه وتعالى الذى فاض نوره وتقدست ذاته والذى تجلت أنواره الفياضة فى سناء الوجود وتلألأت أنواره اللامعة فى عيون الشهود والذين اعترفوا بألوهيته إذ استجابوا قائلين «لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ»(غافر: ١٦) لسؤاله بديع المعنى والمآل «لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ» سبحانه وتعالى جل شأنه قد جعل طيبة الطيبة مجتلى سلطنة الذى خلق من أجله الكون والمكان، وجعل ذلك الوادى المقدس نتيجة المفاجآت وملجأ الفلاح والنجاة لأفراد أمته القلقين، كما جعل لموسى وادى طوى منار الهدى عندما استجاب لأمره البليغ فى «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ» والصلاة والسلام، لحظة فلحظة، على صاحب الروضة الرضية صلى الله عليه وسلم تلك الروضة التى تفوح منها روائح ورود رياض الثقلين، الصلاة والسلام عليه إذ ملأ عقول الباحثين عن الحقيقة بالهداية السرمدية، كما هدى الضالين وأفعم قلوبهم بعطور الرشد والسعادة، ولتهب نسمات رحمة الله سبحانه وتعالى على آله وأصحابه حراس العقيدة واليقين الذين كانوا كل واحد منهم مظلة الهداية والسلام لسكان الصحراء الذين ظلوا فى الفيافى وخزعبلاتها.
أما بعد-فلا يخفى على أنظار أصحاب الرأى المستنير أن وقائع الحرمين الشريفين التى حدثت فى عهد الأسلاف، والتى تحمل العبر والعظات، ظلت مدة مديدة مرتدية رداء اللغة العربية أمام أهل الرأى والمطالعة، لكن العثمانيين الذين كانوا ذوى دين وشوق إلهى ظلوا محرومين من القيام بمراسم الترحيب لهذين المشهدين على مراحل التوحيد، إذ ظلوا بعيدين عن أحداثهما لجهل معظمهم باللغة العربية الفصيحة واللغة الفارسية المزخرفة، وفى عصر السلطان الغازى