(٣٤٧) مخيفا جدا لتركه مظلما، ولم تكن هناك علامات تدل على المكان الذى يجب الجرى فيه.
وفى السنة المذكورة أرسل الملك جاقمق من ملوك الشراكسة فى مصر إلى مكة رسولا يطلق عليه سودون المحمدى لتعمير بعض نواحى الحرم الشريف. ورأى سودون المحمدى أن ذلك المكان الذى يلزم الجرى به وهذا يعدّ من مناسك الحج مجهول من الناس، فوضع ميلين أخضرين علامة فى مسافة تمتد بينهما قدر مائة وعشرين ذراعا، ثم علق فوقهما قنديلين وعين شخصا لإيقادهما ليلا، وبهذا أضاء المسعى الشريف وأناره، كما أنه عين المكان الذى هرولت فيه هاجر:(١)
ويطلق الآن على ما بين هاتين العلامتين أى ما بين الميلين الأخضرين.
صورته فى الصفات قامة الخضر وضفة ماء الحياة أحد أطرافه المروة والطرف الآخر الصفا ليس ساعيه سوى أهل الوفاء أن الناس قاطبة فى هذا المقام وهم يحثون خطاهم فى المسعى لكثرة تلاحم أجنحة الملائكة فيه ليس فيه موضع لقدم
[الأثر الثانى عشر: المسعى]
إن هذا الطريق ما بين طرفى الصفا والمروة فهو طريق وسوق ذو مدخلين.
ويقع فى الجهة اليمنى بالحرم الشريف بالنسبة للشخص الذى يتوجه من المروة إلى الصفا، وفى الجهة اليسرى بالنسبة للشخص الذى يتجه من الصفا إلى المروة، ولما كان المكان مزدحما جدا ولا يخلو من الناس فيستحسن أن يدعو الإنسان فى أثناء السير والحركة.
ويجب أن نقدر هذا المكان وأن نعظمه غاية التعظيم. وأن نتذكر أن جميع
(١) وقد جدد السلطان مراد خان الثالث هذه الأبنية فى سنة ٩٨٥ هـ. كما أن السلطان مراد خان الرابع قد غير بابها وجدد طلاءها الداخلى فى سنة ١٠٤٣ هـ.