والأحواض، حيث سقطت برعد ودوى شديد وقتلت مسلما هنديا وجملين، هذه هى حقيقة الحادث أما ما قيل عن المجوس أو النصرانى فمختلق، وفى الواقع أننى لم أكن هناك حينما وقع الحادث، ولكننى بمجرد أن استلمت رسالتك اهتممت بالأمر، وتحريت عنه فسألت عن الموضوع من السيد الوالى والآخرين ممن أثق فيهم. وكان الباشا الوالى يتناول طعامه حينما سقطت الصاعقة بجانب خيمته ففزع فزعا شديدا».
وقد تحقق لى أن القصة لا أصل لها من هذه الرسالة التى وصلتنى من مكة.
[الأثر الحادى والأربعون: مسجد جعرانة]
يقع مسجد جعرانة بين مكة المكرمة وبلد الطائف؛ إلا أنه أقرب إلى مكة من الطائف وعلى بعد ثمانية عشر ميلا وعلى جانب وادى «جعرانة». وبما أنه لقب ريطة بنت سعد بن زيد بن عبد مناف والتى أشير إليها بالآية الكريمة {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها}(النحل: ٩٢) وأنها قد اختارت الاستيطان فى هذا المكان، فالمكان مشهور بلقبها.
وكان يقال لها الخرقاء كما تصرح بذلك الآية الكريمة لأنها كانت تأمر جواريها من الصبح إلى الظهر بغزل خيوط الصوف والوبر، وتنقضها بعد الظهر. وهكذا تقضى أيامها فى الغزل والنقض؛ لذا اتخذت مثلا للحماقة بين العرب. وزع بطل قوافل الأنبياء (عليه أعظم التحايا) غنائم غزوة حنين فى العام الثامن الهجرى فى هذا المكان، وفى يوم الأربعاء الثانى عشر من ذى القعدة من نفس السنة لبس ملابس الإحرام، ومضى نحو مكة المكرمة حيث أدى مناسك العمرة. إنه مكان مبارك سعيد.
وقد ثبت بأقوال النبى صلى الله عليه وسلم، أن سبعين نبيا قد أحرموا من هذا المكان للعمرة، وفى جعرانة بئر مأثورة مباركة ذات مياه خفيفة عند الشرب وقد حفر النبى صلى الله عليه وسلم، هذا النهر بيديه الكريمتين والصحابة الكرام، وأحاطوها بالحجارة لأنه حينما حفر فى هذا المكان انبجس الماء، وكان النبى صلى الله عليه وسلم قد حفر فى هذا المكان قدر شبر فانفجر الماء فروى عطشه، وأحاط الأصحاب البئر بالحجارة وقد زاد عمقها يوما بعد يوم حتى أصبحت من الآبار المباركة، ومازال الناس يتبركون بها إلى يومنا هذا وليس بالجانب اليمانى من الطائف بئر ماؤها أعزب وأخف من هذه البئر.