للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغناء وهو يرتدى القميص الذى جلب له من خزانة الجنان، وقد غرق فى بحر المحبة والصحبة مع الملاك الذى يشبهه قلبا وقالبا واستولى على النمرود قلق وحيرة مما يرى، وقال مخاطبا إبراهيم لو أن المكان الذى أنت فيه كما يتراءى لعينى يدل على أن ربك إله عظيم ذو مقدرة خارقة وعظمة هائلة فأنا أومن به، وإن أمكنك التحرك من هذا المكان الذى تحيط‍ به النار وتحرق ما حولك.

فتعالى، وجاء الجواب نعم إن النار لا تستطيع أن تحرق قدمى، فناداه قائلا إذا كان الأمر كذلك فتعال إلى لأرى فخرج سيدنا إبراهيم من النار التى تشبه الجحيم وهو حافى القدمين وذهب إلى ناحية النمرود.

[حكمة]

قال مؤلف بدايع الزهور عند ما كان نمرود يمعن النظر من قصره إلى حضرة الخليل، تطايرت شرارة من المحرقة، فأحرقت كل الملابس التى كان يرتديها النمرود المشئوم الطالع الملعون، لكنها لم تمس جسده بضرر وهذه إشارة لطيفة توضح أن النار لا يمكن أن تصيب أى إنسان بضرر، طالما لم يأذن الله القادر بالأذى.

وعند ما رأى النمرود أن النار لم تصب حضرة الخليل بضرر أو أذى قال: يا إبراهيم كنت تتحدث مع شخص يشبهك، وأنت بداخل هذه الروضة، من كان هذا الشخص؟ ولماذا كان يطوف حولك؟ وتلقى جواب إبراهيم: هو ملك الظل أرسله إلىّ حضرة القادر لأتحدث معه، عندئذ كف يده عن إيذائه وإرهابه وقال:

يا إبراهيم لا يمكننى أن أقبل دينك وأترك كل هذه الرفاهية والأبهة والسلطنة ولكننى سأنحر القرابين تقربا لإلهك لأنال رضاءه وأذبح أربعة آلاف ثور ومثلها من الشياه.

إلا أنه زاد طغيانه فيما بعد وهبّ لتحدى خالق الإنس والجن ومحاربته، فسلطت عليه بعوضة وهى أضعف مخلوقات الله فكان موته من قرصتها.

وفى تلك الأوقات كانت النار تحرق الحيوانات التى يذبحها الأفراد قربانا لله

<<  <  ج: ص:  >  >>