للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثانية

فى تفصيل وبيان كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الأولى

خاطب خالق الأرضين والأفلاك تعالى شأنه عن الفهم والإدراك الملائكة العظام بقوله: {إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (البقرة:٣٠)،وذلك ليبدى لهم بأنه-سبحانه وتعالى-سيخلق أبا البشر آدم ليكون خليفة فى الأرض وأدركت الملائكة بشفافية وجدانهم الملائكة أو بإلهام رب العزة أو بالنظر فى اللوح المحفوظ‍،أن بنى البشر سيسفكون الدماء ويفسدون على وجه البسيطة، وأرادت أن تعرف الحكمة من إعطاء خلافة الأرض إلى بنى آدم الميالين إلى الظلم وسفك الدماء، ولم تعط‍ إلى طائفة معصومة وتساءلت: لماذا تخلق من يفسد فى الأرض؟ ونحن نسبح بحمدك ونقدسك بذكرك فأجابهم الله-سبحانه وتعالى- حاسما الأمر بقوله: {إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ} (البقرة:٣٠)،ولم يكن الغرض من تساؤل الملائكة الاعتراض على أفعال الله حسب تقديرهم، ولكن فى هذا السؤال نوعا من الاحتجاج كما يفهم من قول الله تعالى: {إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ} ولذا ندم الملائكة ولاذوا بالعرش الأعظم يبكون ويتضرعون طلبا للعفو والصفح عما اقترفوه ليتجنبوا الغضب الإلهى، واستمروا لمدة ثلاث ساعات يطوفون بالعرش الإلهى ويستعطفون فى تذلل وخضوع وهم فى قلق وخشوع زائدين، وفى النهاية بلغ منهم الرجاء والتضرع العفو والمغفرة واستجلبت توسلاتهم شفقة ورحمة صاحب الكبرياء، وأمرهم أن يطوفوا بالبيت المعمور الواقع تحت العرش الأعظم، ثم أمرهم بأن يبنوا على وجه الأرض بقعة مقدسة فصدعوا بالأمر الإلهى، وقاموا ببناء ورفع بنيان الكعبة المعظمة التى أصبحت مطافا إلى الآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>