هذا وإن كان أهالى مكة المعظمة انشغلوا بالتعبد للأصنام إلى يوم الفتح، إلا أنهم كانوا يحترمون الكعبة المعظمة حق الاحترام ويرعونها.
كما أن عرب الجاهلية يفدون إليها فى مواسم الحج من جميع جهات الجزيرة ويقومون بأداء الحج.
وكانوا ينبهون أولادهم بأن يتجنبوا ارتكاب المعاصى والبغى والشقاوة، ويغرسون فى قلوبهم احترام بيت الله ويأمرونهم بمراعاة حرمة بيت الله والابتعاد عن جميع ما يسئ إليه وإلى مكة المكرمة وينشدون القصائد فى مدح بيت الله ويحرصون على تفهيم أولادهم كيفية احترام الملك التابع لبيت الله الحرام وكيف هلك الجبابرة من الأسلاف الذين أساءوا إلى البيت، وخاصة كيفية هلاك أصحاب الفيل الذين أتوا لتخريب البيت الحرام.
وقد أدرجنا هنا بعض الأبيات من القصيدة المطولة التى قالتها سبيعة بنت الأحبّ بن زبينة بن جذيمة بن عوف (١) بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان لابنها «خالد» بن عبد مناف بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة فى تعظيم بيت الله، وذلك لنثبت صدق مدعانا.
[الأبيات]
أبنى لا تظلم بمكة ... لا الصغير ولا الكبير
واحفظ محارمها بنىّ ... ولا يغرنك الغرور
أبنى من يظلم بمكة ... يلق أطراف الشرور
أبنى يضرب وجهه ... ويلح بخديه السعير
أبنى قد جربتها ... فوجدت ظالمها يبور
الله آمنها وما ... بنيت بعرصتها قصور
ولقد غزاها تبع ... فكسا بنايتها الحبير
وأذل ربى ملكه ... فيها فأوفى بالنذور
(١) انظر المعارف لابن قتيبة ص ٦٨ - وسيرة ابن هشام ٢٥/ ١ ط دار الفكر بتحقيق محمد فهمى السرجانى.