ودفنها فى المكان المسمى (١) حجر إسماعيل، رجع إلى الحرم الشريف، واغتسل بماء زمزم ثم انتحى وجلس ينتظر قدوم ابنه.
وعند ما رجع إسماعيل-عليه السلام-من الصيد وجد والده فى انتظاره عند بئر زمزم فصافحه وقبّل يده، ثم أحضر مقدارا من الحليب واللحم المطبوخ واستضافه. وبعد أن أكل سيدنا إبراهيم الطعام الذى أعده ابنه إسماعيل قال له:
«يا بنى إن الله قد أمرنى برفع قواعد بيته-عز وجل-فوق تلك الربوة الحمراء، فساعدنى فى إنجاز هذا الأمر وأفهمه أنه مكلف بوضع أساس بناء كعبة الله، وشرع بسم الله فى تعميق الحفرة بعون إسماعيل عليه السلام.
وفى قول آخر إنه عند ما خرج سيدنا الخليل من بيته السعيد كلف الله «السكينة» سالفة الذكر وطائرا سريع الطيران وملكا ليرشدوا إبراهيم-عليه السلام-إلى موضع الكعبة المباركة، وعند ما وصلوا إلى مكة المشرفة وقفت «السكينة» المذكورة فوق ساحة البيت المعظم وقالت لإبراهيم: «إن كعبة الله التى أمرت بتأسيسها وبنائها فى المكان الذى يحيط به ظلى».وهكذا رأى مكان بيت الله المقدس وعينه.
وكان مع حضرة إبراهيم سبع من الملائكة يعاونون فى ذلك الوقت. وكان الموضع الذى أرته إياه «السكينة» ذا أربعة أركان غير متساوى الأضلاع. وبعد مدة قد أطلقوا على أحد أركانه الركن الشرقى يعنى الحجر الأسود وعلى الركن الآخر الركن العراقى وعلى الركن الثالث الركن الشامى وعلى الركن الرابع الركن اليمانى.
[إخطار]
إن الموضع الحقيقى لبيت الله كان ذا ثلاثة أركان وذلك إيماء إلى أن فى قلوب الأنبياء العظام-عليهم الصلاة والسلام-ثلاث خواطر وهى «إلهية وملكية ونفسية» وأن قلوبهم لن تفتح لأية خاطرة أخرى غيرها ثم شاءت الإرادة الإلهية
(١) يوجد داخل الحطيم الكريم وتحت الميزاب الذهبى ويشار إلى مكانه بعلامة وهى حجر أخضر.