بينما كان سيدنا إبراهيم منهمكا فى ذبح الكبش عند مسجد المنح، حل جبريل الأمين وثاق يدى إسماعيل-عليه السلام-وقدميه وقال له «يا إسماعيل اطلب من الحق-سبحانه وتعالى-ما تشاء فى هذا الموقف المبارك الذى يستجاب فيه كل الأدعية. وقف سيدنا إسماعيل بين يدى عتبة الرب الجليل وأخذ فى الدعاء قائلا: «يا إلهى أدعوك وأتوسل إليك أن تغفر للمؤمنين الذين أتو إلى الدنيا ثم ذهبوا إلى الآخرة حتى هذه اللحظة» وخلال دعائه جاء والده المكرم وقال: يا بنى أنت مؤيد من الله-سبحانه وتعالى-وقد سمع فى الآفاق صوت الهاتف يقول يا خليل يا أصدق القائلين ويا إسماعيل يا أصبر الصابرين.
[حكمة]
إذا قيل ما الحكمة فى إرسال «كبش» فداء لإسماعيل-عليه السلام-وعدم إرسال ثور أو جمل مثلا؟ نقول إنه أرسل كبش لكى لا يكذب والده إبراهيم- عليه السلام-لأنه إذا أرسل جمل أو أى حيوان آخر لما صدق سيدنا الخليل، لأنه عند ما أخذ إسماعيل-عليه السلام-طلب منه أن يأتى بحبل وسكين، ولما سأله إسماعيل عن سبب ذلك قال له أبوه لأننا سنذبح شاة. لذا أنزل كبش دون سائر الحيوانات.
يقول عبد الله بن عباس-رضى الله عنهما-إن الكبش الذي جاء به جبريل الأمين آنذاك كان القربان الذى تقبله الله من هابيل بن آدم-عليه السلام-،وقد أخرج من فرعى الجنان قبل واقعة ذبح إسماعيل بأربعين سنة وامتنع عن الطعام والشراب أربعين سنة كاملة إلى أن أنزل إلى مراعى البسيطة.
وكان الكبش المذكور كبير القرنين أسود العينين ولونه يميل إلى السواد وظل القرنان معلقين فوق ميزاب الكعبة المعظمة، وعلى قول آخر فوق باب المعلا، إلى وقعة الحجاج الظالم واحترقا فى أثنائها.
وكان المكان الذى شوهد فيه جبريل الأمين مع الكبش فى مضيق منى.
وسفح جبل «ثبير» حيث توجد صخور كثيرة. وقد بنى فوقه قبة من الحجر على أربعة قوائم ظنا أن الحجاج يزورون هذا المكان ويطلق على هذه القبة «قبة الكبش» من قبل سكان مكة.