كان الذهاب إلى الحج بحرا قبل خمس سنوات أو عشر أهون من حيث النفقات وأدعى للراحة البدنية، ولكن منذ ثلاث أو خمس سنوات تغير الحال فالعودة بحرا أصبحت أمرا مضرا ومهلكا لأن المشكلات التى يتعرض لها الذاهبون والآيبون بحرا فى مواقع الحجر الصحى زادت من النفقات بالإضافة إلى ضياع الوقت كما تتسبب فى التعب الجسمانى، فالحاج الذى يريد أن يعود بحرا فى حاجة إلى ما لا يقل عن ثلاثة أشهر وإلى نفقات من خسمين أو ستين قطعة ذهبية من ذات المائة، فضلا عن تخمين ما سيتعرض له من المحن والمشاق.
حتى لا يتعرض الحاج لكل هذه المصاعب والمتاعب منفقا نفقات زائدة يجب عليه أن يذهب إلى أداء الحج بحرا والعودة برا حتى لا يظل مدة طويلة فى الطريق كما أن الحجاج العائدين عن طريق البر لا يتعرضون لمشاق كثيرة ولا يتأخرون فى الطريق وبهذا ينالون شرف زيارة الآثار واجبة الزيارة.
وليس بقليل ما تتعرض له قوافل الزوار والتجار من مشاق عندما يذهبون من ينبع البحر إلى المدينة ومن المدينة إلى ينبع البحر، وكانت هذه القوافل قبل أربعمائة عام تذهب وتجئ عن طريق «ميناء الجار» ولا يقعون فى مخالب أشقياء العربان، ولكن لشدة الأسف استطاع العربان الذين يسكنون بجوار ينبع البحر أن يتغلبوا على العربان الذين يسكنون بجوار «ميناء الجار».
ووفقوا فى جعل ميناءهم ممر القوافل، ولكن إن كان الذهاب إلى المدينة من ميناء «الجار» يستغرق أربعة أيام فالذهاب من ميناء «ينبع» يستغرق خمسة أيام، فضلا على ذلك ما يتعرض له المسافرون من متاعب ومخاوف، فالعربان الذين يسكنون فى ناحية «الجار» ليسوا من أهل الجفاء مثل عربان نواحى ينبع بل هم فى غاية الأنس والقناعة، وإذا أرست السفن مراسيها كما فى السابق فى ميناء الجار وانتقلت القوافل فى ذهابها وإيابها عن طريق منياء الجار، تكون قد نجت