فى ذكر الأحاديث الشريفة التى وردت فى حق الذين اختاروا الإقامة فى
المدينة الطاهرة والذين أحدثوا البدعة والمبدعين والذين يعاونونهم.
وقد فتح سلطان الرسالة-عليه أسمى التحية-فاه الشريف مبينا عظمة وقدر وفضل المدينة المنورة وقال ما معناه أنه سيأتى زمان على الناس سينقل فيه كل شخص أولاده وعياله وقومه وقبيلته إلى أماكن رخيصة وذات سعة فى العيش وكما تدخل الثعابين فى جحرها خائفة من أعدائها هكذا سينسحب نور الإيمان فى ذلك الوقت من البلاد الأخرى وسيتوجه نحو مدينة دار السكينة، وأقسم بالله الذى نفسى بيده بأن الذين لا يقدرون عظمة وخيرية المدينة المنورة ولا يذعنون لذلك ويغادرون المدينة المنورة ويفارقونها إلى البلاد الأخرى فسيأتى مكانهم من هو خير منهم، وإن كل نفر يعرض عن المدينة ويهاجر إلى البلاد الأخرى إلا وبدله الله سبحانه وتعالى بشخص يرغب فى الإقامة فى المدينة ويصبر على بلائها وعنائها.
يعنى يرسل إليها من هم خير من القادرين، وكل من يتحمل ضيق وعناء وشدة دار السكينة فإنه صلى الله عليه وسلم يشهد فى يوم القيامة ذى الأهوال الشديدة على طاعة أهل الصبر ويبالغ فى شفاعته لأمته.
ذهب حضرة سعيد مولى المهرى إلى أبى سعيد الخدرى عقب توالى الظلم والغدر أيام واقعة الحرة فشكى من ضيق الحال وكثرة العيال ونقل إليه رغبته فى الهجرة إلى بلاد أخرى بهدف معايشة عياله وأولاده فى رفاهية وسرور. فأجابه أبو سعيد الخدرى قائلا «أوه لحالك هذه إننى «لا أرى من المناسب أن تترك هذا البلد وتضحى به» فأورد له الحديث الشريف الذى يقول حق المدينة «لا يصبر على لأوائها أحد إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة»(١) وفى نفس ذلك الوقت
(١) الحديث رواه الإمام أحمد فى مسنده ٦٩،٢٩/ ٣،١٥٥/ ٢،وانظر مجمع الزوائد ٣٠٠/ ٣.