جدد الحجاج الظالم البيت الشريف للمرة العاشرة أيضا. أنه لم يلمس الجدران الأربعة كلها، ولكنه جدد الجدار الكائن في جهة الميزاب تاركا حجر إسماعيل خارج الكعبة، وملأ الكعبة بالتراب المتبقي من البناء وأعلى باب الكعبة عن الأرض، وأغلق الباب الذي فتحه عبد الله بن الزبير في الجهة الغربية بناء على ما جاء في الحديث الشريف الذي سبق ذكره. وكان سبب ذلك عبد الملك بن مروان الذي كان يريد أن يحمل عبد الله بن الزبير على بيعته.
وقد وقعت هذه الحادثة بعد واقعة حصين بن نمير بعشر سنوات؛ لأن عبد الملك الذي كان يحكم في بلاد الشام ويريد أن يجدد وسيلة للحصول على بيعة عبد الله بن الزبير، لذا بعث حجاج بن يوسف الثقفي إلى أراضي الحجاز الطاهرة ومعه ثلاثة آلاف من جنود الشام، وأمره ألا يؤذي المذكور وأتباعه إذا ما بايعه بالخلافة.
وقد حاصر الحجاج بمن تحت قيادته السوداء من جنود الحقد كعبة الله ما يقرب من سبعة أشهر، وأخذ يتبع مع ابن الزبير ألاعيب الحرب والقتال وقد أضر في أثناء هذه المدة الطويلة بيت الله الحرام وأصابه، وفي النهاية قتل ابن الزبير وترك جسده الأسعد مصلوبا منتظرا الأوامر من الشام.
وكان من المستحيل أن ينتصر الحجاج على عبد الله بن الزبير إذا لم يصله مدد من الشام؛ لأن الشهيد كان قد عرف أن الحجاج الظالم قد خرج من الشام، وأنه قد نصب له الخيام في الطائف لإيواء جنوده لذلك ساق إليهم مقدارا كافيا من الجنود من الشجعان وحاربهم؛ ولكنه عاد منهزما وقد عجز عن المقاومة.
وإن كانت الهزيمة في الظاهر في ناحية عبد الله بن الزبير؛ إلا أن جنود الشام