للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الحادية عشرة

فى تعريف كيفية إغلاق الأبواب التى تواجه مسجد النبى فى عصر السعادة.

كان لكل واحد من المنازل التى تحيط‍ بالمسجد الشريف فى عصر السعادة بابان كان يواجه أحدهما المسجد الشريف والآخر ينظر إلى جهات أخرى، وبناء عليه كان أصحاب تلك البيوت يستطيعون أن ينظروا داخل المسجد الشريف وقتما شاءوا. وصعد النبى صلى الله عليه وسلم قبل ارتحاله إلى دار البقاء وقال: «إن الله-سبحانه وتعالى-قد خير عبده بين ذاته الوحدانية وبين زهرة الدنيا فاختار عبده ذاته الإلهية، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت خيرت أن أتخذ غير الله-سبحانه وتعالى- خليلا لاتخذت أبا بكر الصديق خليلا لما له من أيادى على أن أسعدنى بصحبته وساعدنى بماله، ومع ذلك بيننا الأخوة والمودة الإسلامية، وأوصيكم بأن تسدوا جميع الأبواب الناظرة إلى مسجدى غير باب أبى بكر الصديق»،وكانت الخطبة مؤثرة ذات معان بليغة وفى هذه الخطبة أمر بإغلاق جميع الأبواب الناظرة إلى المسجد الشريف إلا أنه حدث عقب هذه الخطبة بين الأصحاب قيل وقال ووصل ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

وبناء على ذلك استدعى يوما أصحابه وقال لهم قد سمعت أن الخطبة التى ألقيتها بالأمس بها أمر بأن تسد جميع الأبواب غير باب أبى بكر أدى إلى شيوع القيل والقال! إن النور الذى أبصره يقينى والذى أشاهده فى باب أبى بكر لا أشاهده فى أبواب سائر الأصحاب وكلمة العبد التى ذكرت فى الخطبة السابقة كانت المقصود بها الذات النبوى، وقد فهم أبو بكر الأمر، وعرف أن الوقت قد آن لانتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الآخرة وتشريفها وإن أشار لذلك فى مبدأ الخطبة، ومن هنا حزن حزنا شديدا وأخذ يبكى بكاء شديدا من شدة ألمه حتى تحير وتعجب الأصحاب الذين فى المسجد، ولما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الناظرة

<<  <  ج: ص:  >  >>