وإن كان الشريف أحمد الجازانى قام ضد أخيه بركات بن محمد وأعلن استقلاله بالإمارة عند ورود القافلة المصرية، إلا أنه قتل فى العاشر من شهر رجب يوم الجمعة فى نفس السنة فى أثناء الطواف وعين مكانه أخاه حميضة بن محمد بن بركات، ولما تغلب بركات بن محمد على حميضة فى يوم التروية من نفس العام؛ أعطيت براءة الإمارة للشريف بركات بن محمد على أن يشاركه فى الإمارة على بن بركات بن محمد قايتباى بن محمد. وتوفى على بن بركات سنة ٩١٣ كما توفى محمد (١) بن بركات الذى عين مكانه بعد فترة، كما توفى الشريف قايتباى أيضا سنة ٩١٨،فظل الشريف بركات بن محمد فى مقام الإمارة منفردا، وبعث بابنه أبى نمى إلى مصر راجيا بأن يسند مقام الإمارة لأبى نمى مستقلا.
وقبل السلطان الغورى رجاء الشريف بركات وأعطى إدارة حكومة أرض الحجاز وينبع للشريف أبى نمى، وأعطاه البراءة التى كتبت بهذا الخصوص وألبسه الخلعة المزينة بالذهب، وأعاده إلى مكة المعظمة.
[الشريف أبو نمى]
ولما كان الشريف أبو نمى عاقلا، مدبرا وقادرا على الحرب والضرب فقد ارتفع شأنه بين الأهالى فى أثناء إمارته؛ لنجاة الحجاج والأهالى والتجار من أن يلحق بهم الأذى والضرر.
وصادف فتح مصر لزمن إمارته، فذهب إلى مصر وقابل السلطان سليم خان فى قصر الروضة الجميلة على النيل، وعرض عليه خضوعه وبيعته وقدم له بعض التبركات المسعودة ومفتاح الكعبة المعظم. فأحسن له السلطان سليم بأن جعله أميرا على إمارة الأقطار الحجازية حتى حدود اليمن، ومحاصيل جدة المعمورة كما أعطى له ولأبيه خلعة فاخرة وسيفين مرصعين وأعاده إلى بلده.
وإن كان أكثر المؤرخين نقلوا هذه الحادثة فى صورة مبسوطة إلا أنها مخالفة لما رواه مؤرخو مكة. يقول مؤرخو مكة: «فكر السلطان المغفور له أن يبعث قوة
(١) ولد الشريف محمد فى مصر، لذا سماه أبوه بركات بن محمد «محمد الشافعى».