الذين ينتسبون إليهم فيجب عليكم أن تكونوا كفلاء لأفراد قبيلتكم، وأخذ من كل واحد منهم إجابة تضمن كفالتهم فى أماكن مختلفة ثم فوق مجلس البيعة»، وبما أن تلك البيعة عقدت فى ظلام الليل حتى تخفى على قريش؛ إلا أن شيطانا اسمه «ابن أزب العقبة» نادى قائلا: «يا معشر قريش! فليكن فى علمكم أن حجاج المدينة أسرعت بعرض البيعة على ابن أخى أبى طالب محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وبهذا هيئوا أسباب إشعال كانون الحرب معكم».وهكذا أعلن الأمر إلى مشركى مكة وأثار فى قلوب صناديد قريش الخوف والقلق وبناء على هذا ذهب بعض القرشيين صباحا إلى خيام قافلة المدينة وقالوا:«يا رؤساء الأوس والخزرج إنه من المحقق عدم حدوث ما يعكر الصفو بيننا من آثار الخصومة والعداوة إلى الآن؛ إلا أنه قد انتشرت شائعة أنكم عرضتم بيعتكم على محمد صلى الله عليه وسلم لتحاربونا؛ وإذا كانت هذه الأحداث صحيحة فإننا مستعدون دائما وفى كل آن لمحاربتكم ومقابلتكم!» وهكذا أسرعوا فى استيضاح الأمر ولم يستطيعوا أن يتخذوا أى خبر عن هذا الموضوع من مشركى المدينة وعادوا وقد أخذوا ردا أن مثل هذا الاتفاق لم يتم.
وكان أحد الذين تصدى للإجابة فى الموضوع الذى يريده المكيون من أهل المدينة عبد الله بن أبىّ إذ قال:«يا معاشر قريش! إن ما تقولونه من القول إذا كان صحيحا يحتاج إلى قوة كبيرة ومن الواضح أننا لا نملك تلك القدرة؛ فلم نقم مثل هذه البيعة وكما أننا لم نعلم شيئا عن هذه البيعة!! إذا كان لنا علم فى هذا الأمر فلنحترق فى نار اللات والعزى!!».
وقد نال الأنصار الكرام شرف المثول بين يدى سيد الأنام مرة ثانية ورجوا من النبى صلى الله عليه وسلم تشريف المدينة المنورة، ولكن بما أن سيد الأبرار-عليه السلام-لم يرخص له بعد بالهجرة تحدث معهم على هذا المنهج: «إننى لم أتلق بعد الأمر الإلهى بالنسبة للهجرة إلا إننى أستطيع أن آذن بهجرة أصحابى وهكذا أفهمهم أن هجرته متوقعة على الوحى الإلهى ولكنه أذن بهجرة الأصحاب الكرام إلى المدينة المنورة، وبناء على هذا أسرع الأصحاب الكرام الذين يرغبون فى الهجرة إلى أرض يثرب ابتداء من بعد العودة من عرفات فى السنة المذكورة.