وكان أول الأصحاب الكرام الذين هاجروا إلى مكة زوج أم سلمة-رضى الله عنها-أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومى، وكان هذا الشخص قد هاجر إلى الحبشة قبل بيعة العقبة بعام وعرف أن الأنصار السابقين قد أسلموا فعاد إلى مكة إلا أن مشركى قريش أزعجوه ولذا استفاد من الإذن النبوى فهاجر إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وهاجر بعد أبى سلمة: عامر بن ربيعة وزوجته ليلى وعبد الله بن جحش وحمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وعمر بن الخطاب وأخوه زيد، وعقب ذلك طلحة وصهيب وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وعثمان بن عفان-رضى الله عنهم-وتركوا مكة المكرمة وهاجروا إلى قرى المدينة المنورة ونصب كل واحد منهم خيمة فى موقع حيث أقام واستقر.
واختار الأصحاب الكرام الذين أخذوا الإذن بالهجرة بعد أن أوصوا بكتمان هجرتهم عن مشركى مكة المكرمة وإخفاء السفر والهجرة إلى المدينة المنورة قرب حلول العام الرابع والخمسين للولادة النبوية. قد انهمك الأصحاب الكرام بأمر الهجرة بدرجة عظيمة إذ لم يبق فى مكة المكرمة فى أوائل السنة المذكورة أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم غير الصديق الأكبر وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما.
وقد استولى على مشركى مكة الخوف والقلق نتيجة لترك الأصحاب الكرام مكة المكرمة وأصبحت نفوسهم السوداء المكروهة مضطربة كأنها ديست بسنابك الخيل، وفى النهاية عقدوا مؤتمر الفساد وقالوا:«إذا هاجر محمد-عليه سلام الله الأحد-إلى يثرب واتفق مع أهلها فلا تكون نتيجته خيرا فى حقنا».وبناء على هذا الرأى أغلقوا باب الندوة على أنفسهم وأخذوا يذاكرون هذا الأمر العسير لعلهم يجدون حلا له.
ولم يقبل التهاميون الذين كانوا فرقة سيد الأبرار المخلصين فى مجلس شياطين الإنس هذا وقد دخل الإبليس اللعين فى شكل أبى مرة الشيخ النجدى الذى كان معروفا لدى المشركين ووجد فى دائرة دار الندوة، وبعد مباحثات طويلة ومذاكرات كثيرة قرروا بناء على رأى أبى جهل وتصديق الشيخ النجدى القضاء