للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسمعت أصوات الرعد والبرق، واستولى على قلوب المخالفين الخوف والخشية.

وحينما رأى حشرات الأعداء هذه العلامات المخيفة تركوا ميدان القتال وأخذوا يبحثون عن مكان يختبئون فيه. ولكن الحجاج المهين للدين خاطب جنوده قائلا: ما الدافع لخوفكم وقلقكم؟ حتى هرب كل واحد منكم إلى جهة إذا كنتم خفتم من أصوات الرعد والبرق فإن هذه ليست أشياء تدعو للقلق والخوف، إنني نموت في هذه البلاد ولا تنقطع الصواعق والبرق منها، قال هذا ثم ذهب بنفسه إلى المنجنيق وتجرأ على أن يلقي الحجارة صوب كعبة الله من البقعة المقدسة.

وينقل من المصادر الموثوقة أنه حينما أخذت أستار كعبة الله تحترق متوهجة من جراء الأحجار المحترقة التي أمر الحجاج بإلقائها على الكعبة الشريفة، ظهرت سحابة من ناحية جدة ذات صواعق، وبروق أخافت جند الشام، وتقدمت هذه السحابة حتى وقفت فوق سقف بيت الله وأخذت تمطر بشدة حتى أطفأت أماكن كعبة الله المحترقة. إن السحابة المذكورة كانت فوق سقف بيت الله فقط‍،ولم تقع قطرة من المطر خارج المسجد الحرام وخارج المطاف، ومع هذا سالت سيول شديدة من الميزاب الذهبي ساعات وساعات، سيول قد تجرف الإنسان.

وفي أثناء ذلك أصابت الصاعقة المنجنيق الذي نصبه الحجاج الظالم فوق جبل أبى قبيس وأحرقته مع أربعة من جنود الشام، فأعد الحجاج منجنيقا آخر وكلف أربعين نفرا من الجنود بإلقاء الحجر وكان جزاؤهم أن أحرقتهم الصاعقة الثانية فهبطت أرواحهم إلى جهنم وبئس القرار.

وهذا الحال لم يجعل الحجاج ينتبه ويندم على كل ما حدث بل ثار وغضب وهدد جنوده وبهذا اشتد القتال ونسى جنود الشام ما حدث.

وبعد هذه الحادثة الغريبة أصيب اثنا عشر نفرا من جنود الشام وهلكوا.

وسفاكو الدماء الذين رأوا هذا انزعجوا بشدة، وأخذ جنود الشام يهربون من

<<  <  ج: ص:  >  >>