للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن أبي مليكة يصف صلابة عبد الله بن الزبير في دينه:-بينما كان عبد الله بن الزبير يؤدي الصلاة-في يوم من أيام المحاصرة إذ مر حجر من بين لحيته المباركة وصدره إلا أنه لم يستمر فقط‍ في صلاته ولكنه لم يتأثر أدنى تأثر في مراعاة التعديل في ركوعه وسجوده في خشوع وخضوع، وأدى صلاته دون أن يستعجل كما كان يؤديها في الأوقات العادية. ثم استمر في قوله قائلا: إنني أقسم بما أن جلد ابن الزبير اختلط‍ بلحمه، كما أن لحمه امتزج بأعصابه، وأن أعصابه قد تألفت بعظامه كان قوي البنية، كما أن نفسه وروحه بين جنبيه اختلطتا بأعضاء جسمه فكان قوي القلب، وخلاصة القول إنه كان شخصا نادر المثال في الشجاعة وقد روى عن النبي-صلى الله عليه وسلم-اثنين وثلاثين حديثا ونال شرف أن يكون رديف النبي-صلى الله عليه وسلم-في مطيته.

قد طهر الحجاج القذر ساحة المسجد الحرام ذات الفيوضات الإلهية-بعد ما قتل عبد الله بن الزبير-من الحجارة التي ألقاها ومن الدماء التى أسالها، وكتب إلى عبد الملك يخبره أن عبد الله بن الزبير قد بنى الكعبة مغايرا لبناء قريش، وفضلا عن ذلك فتح بابا زائدا في الجهة الغربية من الكعبة.

ومن هنا وجب علينا أن نغير أساس البقعة المقدسة. وقد تلقى ردا من عبد الملك (١) وبناء على تعليماته قد هدم الجدار الموجود في الناحية الشامية، وترك في ناحية حجر إسماعيل ما مقداره ستة أذرع إلى تسعة أقدام وإحدي عشرة بوصة خارج البيت، وسد الباب الموجود في الجهة الغربية وجدد الجدار الذي هدمه في الجهة الشامية وفق ما بنته قريش. إن المكان الذي تركه الحجاج خارج البيت هو ما يطلق عليه اليوم حجر إسماعيل، وكانت قريش تترك حجر إسماعيل خارج البيت لأنهم كانوا يعانون من أزمة مالية في ذلك الوقت إلا أنهم كانوا قد بنوا حوله جدارا مستديرا (٢) في ارتفاع ذراعين أي قدمان وعشر بوصات.

وقد أراد عبد الله بن الزبير أن يبني الكعبة عند تجديدها وفق الحديث الذي


(١) الطبرى ١٩٥/ ٦
(٢) يطلق على هذا الحائط‍ الآن الحطيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>