للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوس والخزرج يقولون: «قد اقترب زمن ظهور سيد البشر صلى الله عليه وسلم وإننا سنجعلكم علفا للسيف بمعيته» ويعلقون انتقامهم إلى ظهور نور نبوة محمد-عليه وعلى آله صلوات الله الستار.

وفى العام المقبل أى فى السنة الثانية والخمسين من ولادة السلطان الجديد الذى سخرت له الرسالة صلى الله عليه وسلم شرف أيضا صحراء «منى» حتى يدعو الحجاج الواردين إلى الإسلام وليهديهم إلى طريق النور المستقيم ويرحب بحجاج القبائل، وتلا الآيات البينات للذين رأى فيهم استعدادا لقبول الإسلام وتلاقى فى هذه المرة مع عشرة أنفار من قافلة المدينة عند العقبة عرضوا بيعتهم عليه بالشروط‍ الآتية: «ألا يشركوا بالله، ألا يسرقوا وألا يقتلوا وألا يزنوا، وألا يفتروا على أحد وألا يرموه بالبهتان فى الحال والمستقبل، وألا يعصوا أوامر الشارع وأن يمتثلوا لأوامر النبى المطاعة فى العسر واليسر فى المنشط‍ والمكره، وإن يحبوا النبى صلى الله عليه وسلم بأن يقدموه على أنفسهم وألا ينازعوه فى أى شئ وأنه يقول الحق فى جميع الأحوال وألا يخافوا لومة لائم فى إظهار الأمر الحق».

وعقب هذه البيعة (١) فتح النبى صلى الله عليه وسلم فمه الشريف ناصحا وقال: «إذا ثبتم فى أقوالكم موفين بعهدكم لكم الجنة، أما إذا تركتم أحد هذه الأمور فالله-سبحانه وتعالى-إما يعفو أو يعذب ويعاقب».

عاد الذوات الكرام الذين قبلوا الإسلام وفق الشروط‍ المحررة وبعد أن ودعوا الرسول صلى الله عليه وسلم وعندما وصلوا إلى المدينة المنورة أخذوا يظهرون شعار الإسلام وبادروا فى أداء الصلاة هنا وهناك.

وبعث معهم بناء على رجاء الأنصار السابقين مصعب بن عمير (٢) حتى يصلى مع المسلمين وليعلمهم أحكام الشريعة الغراء وتلاوة القرآن الكريم على طريقة صحيحة، وأمروا بأن يختاروا أسعد بن زرارة من بينهم لإمامة صلاة الجمعة.

ونزل مصعب بن عمير فى الدار التى يسكن فيها أسعد بن زرارة ونال شرف الإمامة الغالية للأنصار الذين قبلوا الإسلام بجهود مصعب بن عمير وترغيبه.


(١) إن مصعب بن عمير أول من أطلق عليه لقب المقرى من الأصحاب الكرام.
(٢) وهى بيعة العقبة الثانية: انظر سيرة ابن هشام ٧٣/ ٢،ابن سعد ١٤٧/ ١/١،وتاريخ الطبرى ٣٥٥/ ٢، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>