للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخذ أسعد بن زرارة مصعب بن عمير عقب أداء صلاة الجمعة الأولى (١) إلى بيوت الأنصار فى قرية بنى عبد الأشهل ومن هناك أخذه إلى قرية بنى ظفر القريبة من القرية السابقة وطلب من حضرة مصعب أن يدعو أهالى القريتين المذكورتين إلى مائدة الإسلام ذات الفوائد العميمة بينما هو جلس فى ركن من الأركان، وأخذ الناس يقبلون على قبول الإسلام بجهود أسعد بن زرارة وغيرته، واجتمعوا حول مصعب وأقبلوا على استماع القرآن الكريم منه؛ إلا أن سعد بن معاذ وأسيد بن حضير من أشراف بنى عبد الأشهل غارا من استجابة أهالى القرتين إلى دعوة مصعب ودخولهم إلى الإسلام فرادى وولوجهم فى دائرة الإيمان الباهرة ذات الفيوضات وأخذا بفكران فى أسباب إخراج أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير (رضى الله عنهما) من القريتين سالفتى الذكر.

وكان سعد بن معاذ ابن أخت أسعد بن زرارة، وأحنى سعد رأسه مدة مفكرا قال رافعا رأسه: «يا أسيد! إنك شريف بين القبائل ورجل مع علية القوم! فإنك ترى أن مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة (رضى الله عنهما) يحسبان نفسيهما من يمثلان الحق وبهذا يغفلان سادة رجال القرية! عليك أن تزجرهما وتزعجهما وتخرجهما من حدود قريتنا وتطردهما! إن أسعد بن زرارة ليس منا بعد الآن وهكذا شجع رفيقه أسيد بن حضير.

وأخذ أسيد بن حضير حربته وتوجه بكل شدة وحدة إلى المنزل الذى شرفه مصعب بالإقامة فيه، وكان أسعد بن زرارة قد ركز أنظاره إلى الأطراف والأكناف حتى يعرف كيف سيتحرك سعد بن معاذ، ولم يعجبه وجهة توجه أسيد، ولما أطلع أسعد بن زرارة مصعبا على شأن أسيد قال مصعب بن عمير: إذا ما ألقى الله سبحانه وتعالى حب الإسلام فى قلبه تتيسر مهمتنا!! وبعد فترة وصل أسيد وقال وهو فى أشد غضبه ما غرضك من جلب مصعب بن عمير إلى قريتنا يا أسعد بن زرارة؟ وما هو قصدك من إضلال وخداع ضعفاء قومنا؟ إذا كانت لكم


(١) أول صلاة الجمعة التى صليت فى المدينة هى التى كانت الإمامة فيها لمصعب وكانت فى هزم حرّة بنى بياضة فى بقيع يقال له بقيع الخضمات-ويقال نقيع بالنون-وكانوا أربعين رجلا.
انظر: الدر فى اختصار المغازى والسير لابن عبد البر، ص ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>