حاجة خاصة بكم بينها، وإلا فقوما وانصرفا من هنا وأراد أن يكدر أسعد بن زرارة بهذه الطريقة، إلا أن مصعب بن عمير قال له:«يا أسيد!! اجلس قليلا واستمع إلى الأقوال التى سأقولها فإذا ما رأيتها معقولة تقبلها وإذا رأيتها كريهة ترفضها!!» فأجابه قائلا: «فى الواقع إن قولك هذا حق» وجلس فى ركن من الأركان وآثار البشاشة التى شوهدت على بشرته كانت تدل قطعيا على أنه سيقبل الإسلام ويرضى به دينا.
وحينما رأى ابن عمير جلوس أسيد بن حضير تلا عدة آيات كريمة ودعاه إلى مائدة الإسلام عميم النوال، وظهرت فى قلب أسيد بن حضير آثار المحبة والقبول، وقال:«ما أحسنها من أقوال! وما أوضحه من طريق هذا الطريق الحق! يا ترى ما التكاليف الشرعية التى يكلف بها الذين يريدون أن يدخلوا فى هذا الدين المختار؟» فأجابه مصعب قائلا: «يجب على الذين يريدون الإسلام أن يغتسلوا أولا ثم يطهروا ملابسهم، ثم يعترفوا بوحدانية الله تعالى المطلقة ثم يصلوا».
وقد تأثر أسيد بن حضير من الإجابة الصحيحة وابتدر بتجديد ثيابه وفق تعليمات حضرة مصعب بن عمير وأقر بقلب نقى طاهر بتوحيد الله وتعلم أركان الصلاة ثم قال:«هناك بين قبائل الخزرج رجل شريف! إذا ما استطعتم أن تدخلوه فى دائرة الإسلام المنجية فثقوا تماما أن قبائل الخزرج كلها ستسلم. ها أنا ذاهب لأرسله إليكم، إن هذا الشخص ذات صفات مشحونة بالهداية هو سعد بن معاذ» قال هذا وقام وذهب.
ولما رأى سعد بن معاذ عودة أسيد بشوش الوجه ونور الإيمان يلمع فى وجهه أحس أنه صدق بالنبوة المحمدية وأدرك ذلك وقال لمن بجانبه من الأشراف:«إن الشخص القادم يشبه أسيد بن حضير، وإن مجيئه بهذا الشكل لا يسرنى، لا أظن إلا أنه قد عرض البيعة لمصعب بن عمير!! فليجعل الله-سبحانه وتعالى- ألا يخفى أمره هذا منا عندما يأتى، لننتظر حتى يصل إلينا» وقد وصل أسيد بمجرد ما انتهى من أقواله فاستجوبه قائلا: «يا أسيد! ماذا فعلت؟ وكيف تعاملت