مع هذين الشخصين؟ فمنذ أن فارقتنا فأنا قلق» وتلقى من جانب أسيد الإجابة الآتية:«إننى لم أتنسم من أقوالهم رائحة الفساد والغاية السيئة، وأقسم بالله إن قوليهما لا يتعدى التعريف بالإله الواحد واجب الوجود ووصف صدق النبوة المحمدية وبيانها!!» وحينما أخذ سعد بن معاذ هذه الإجابة فتحول إلى قطعة من نار تحرق العالم من شدة حدته ووثب من مكانه وخطف حربته وتوجه إلى مكان المشار إليهما.
وقد ارتعد أسعد بن زرارة واضطرب حينما رأى سعد بن معاذ مقبلا وهو ينشر إلى أطرافه شرارة الدهشة فأراه لمصعب قائلا:«إن هذا الشخص المقبل هو من يسمى بسعد بن معاذ الأشهلى وإنه آت بغضب شديد! إذا كان هذا أيضا يقبل الدين الحق ويصدق بنبوة النبى صلى الله عليه وسلم لا شك فى أن القبائل الخزرجية كلها ستسلم كما قال أسيد بن حضير»،وعقب ذلك وصل سعد بن معاذ رافعا قامته وقال:
«يا أسعد! قد غضبت من جنبك شيئا ننفر منه وهو منكر عندنا بدرجة لو لم تكن بيننا نسبة القرابة لكنت أهلكتك ورميتك فى حفرة الدمار بهذه الحربة السامة»، ثم كدر مصعب بن عمير بذكر ألفاظ غير لائقة، فرد عليه مصعب بن عمير دون أن يضطرب قائلا: يا سعد! كان يجب عليك أن تجلس قليلا حتى تسمع ما سأتلوه من الآيات الكريمة ثم ترد على وتجرحنى وتقبح كلامى، إلا أنك عاتبتنى وكدرتنى بأقوالك دون أن تعرف ما سوف أقوله لك وجرحت الأقوال الشرعية على العمى وقبحتها وعاتبتنى وقلت عن النبوة أنها ليست حقا وقلت أننا نكره الأوامر، وهذا التصرف مناف لأحكام قانون المناظرة» وخجل سعد بن معاذ واستحيى مما قاله وقال:«فعلا هذا ما كان يجب أن يكون! إننى لم أفكر فى هذه الأشياء وتجاوزت دائرة الأدب فأرجو أن تعفو عنى وأن تغفر لى سلوكى ثم جلس فى جهة ما» وقد ظهرت عليه دلائل قبول الإسلام إذ أخذ نور الإيمان يتلألأ فوق بشرته ويلمع. واطمأن مصعب بن عمير من حركات سعد بن معاذ الملائمة ثم تلا آية أو آيتين مناسبتين للموقف.
ثم دعاه إلى دار ضيافة الإسلام وكلفه أن يطهر جسمه وثيابه حتى يدخل فى الطريق المستقيم، فما كان من سعد بن معاذ إلا أن غير ملابسه واغتسل وفق