للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريف مزقت كسوته إربا إربا، كما أن الأبنية المباركة تداعت وتهاوت وبدأت أحجارها تتساقط‍.

وفى يوم اشتدت برودته وعصفت رياحه تطايرت شرارة من نار إحدى الخيام فأحرقتها، وكانت الخيمة منصوبة بين باب الصفا والركن اليمانى، وانتقلت الشرارة إلى ستارة الكعبة الممزقة فأحرقتها، وانتقلت النار من الستارة إلى الأحزمة الخشبية التى تحيط‍ بالكعبة فاحترقت، ومنها إلى حيطان الكعبة وتحول البيت إلى قطعة نار.

وبما أن البيت المعظم كان من المبانى المقدسة التى أقامتها قريش فكان قابلا للاحتراق؛ لأن القرشيين كانوا قد بنوا البيت من أساسه إلى سقفه جاعلين جدرانه طبقة من الحجارة وطبقة من حزام خشبى. وبينما كانت الأحزمة الخشبية لجدران الكعبة تحترق تحرك الحجر الأسود من مكانه فأراد عبد الله بن الزبير أن يثبته بإذابة فضة وصبها على جوانبه؛ إلا أن أركانه الأربعة كانت قد تكلست بشدة النار كما أن الركن الكائن فيه أصابه الوهن فلم يمكن عمل شئ.

وكانت جدران بيت الله حيثما يحط‍ عليها الحمام تتفتت تحت تأثير سيقانه، مما حمل من يشاهده من المؤمنين على البكاء دما بدلا من الدموع، وفى النهاية مضت جماعة من القرشيين (١).وبنى أمية إلى حصين بن نمير وأخبروه أن الحجارة التى رماها قد خربت الكعبة المعظمة؛ إلا أنه أنكر أن يكون قد خرب الكعبة، وفى هذا الوقت بلغه نعى يزيد فكف عن الحرب والحصار وسحب جنده وعاد إلى الشام.


(١) كان عبد الله بن خالد بن أسد القرشى منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>