للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجتمع أعيان الأشراف ووجهاءهم عند ابن الزبير ووافق بعضهم (١) رأيه وخالفه البعض الآخر (٢)،غير أن ابن الزبير لم يلق بالا إلى رأى المخالفين، واستقر رأيه على تنفيذ ما فى ضميره.

وخاف أهالى مكة من هدم كعبة الله وهربوا إلى قمم الجبال، وأظهر عمال البناء استياءهم من هدم الكعبة بالتراخى فى العمل. ولما رأى عبد الله بن الزبير ذلك جعل بعض عبيده الحبشيين ذوى السيقان الرفيعة يصعدون فوق الكعبة مبطلا الحكم الحديث الذى يحفظه عن النبى-صلى الله عليه وسلم- «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة».

وبدأ فى هدم البناء يوم السبت الخامس عشر من جمادى الآخر من السنة المذكورة، وأراد أن يحضر من اليمن نوعا من المادة المستخرجة من الزعفران ليخلطها بالمونة اللازمة لبناء البيت، ولكن بناء على اعتراض بعض أهل التخصص بأن هذه المادة تحول دون تحجر المونة انصرف عنها، واستحضر من صنعاء اليمن كلس بأربعمائة دينار. وحتى لا يمنع الطائفين من الطواف فى أثناء عمليات البناء. وبناء على إخطار عبد الله بن عباس أحاط‍ البيت بسور خشبى، وغطى السور بستارة من القماش وهدم أبنية البيت حتى وصل إلى أساس إبراهيم القديم، وكان قد حفظ‍ الحجر الأسود بعد أن وضعه فى صندوق فى دار الندوة.

وشرع فى بناء جدران الكعبة وفق ما جاء فى الحديث الشريف الذى ذكر أعلاه على أسس بناء إبراهيم-عليه السلام-،الذى عثر عليه وأدخل حجر إسماعيل داخل كعبة الله دون أن يراعى قواعد قريش فى البناء، وفتح بابا عرضه ثلاثة أذرع أى ٤ أقدام و ١١ بوصة فى الجهة الغربية أيضا بلغ ارتفاع الجدران إلى ثمانية وعشرين ذراعا أى ٣٨ قدم و ٣ بوصات، وجعل سمك الجدران ذراعين


(١) من الأصحاب الكرام الذين وافقوا على تجديد البيت جابر بن عبد الله بن عمير وعبد الله بن صفوان.
(٢) وكان عبد الله بن عباس موافقا على فكرة تجديد البناء؛ إلا أنه خالف عبد الله بن الزبير فى الرأى حتى لا يتخذ الملوك هدم البيت وبنائه عادة لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>