عندما يصلى فى المحراب الذى وضعه عمر بن عبد العزيز فى مصلى النبى صلى الله عليه وسلم يظل المنبر المنير على منكب المصلى الأيمن، وبهذا لم يتغير موقف النبى صلى الله عليه وسلم كما أن المنبر المنير لم يغير من مكانه ويظل صندوق المصحف الشريف الذى ذكر آنفا، كسترة بين محراب النبى وأساطين مسجد السعادة.
وأراد المرحوم «آقشهرى» من مؤرخى المدينة المنورة أراد أن يعين موقع محراب النبى صلى الله عليه وسلم قائلا: «بما أن صندوق المصحف الشريف فى مكان المصلى النبوى يلزم أن يكون المصلى النبوى أمام المكان الذى يؤدى فيه أئمة عصرنا الصلاة والمكان الذى يؤدى فيه الأئمة فى عصرنا يقع فى الجهة الخلفية من مصلى النبى صلى الله عليه وسلم، إلا أن قوله هذا ورأيه لا يسلم من الخطأ بالنسبة للأقوال الموثوقة الأخرى.
وفى الواقع لا ينكر أن بين محراب السعادة والقبلة يعنى جدار المحراب العثمانى فاصلة بمقدار عشرين ذراعا وستة أصابع إلا أن هذه الفاصلة أضيفت بعد وفاة سيد البشر، وإذا ما نظر بدقة إلى تلك الفاصلة يحكم أن محراب السعادة فى مكانه القديم، لأن صندوق المصحف الشريف سالف الذكر كان فى مكان جدار القبلة القديمة، وقبل هدم هذا الجدار كان عرض المسجد الشريف واحدا وعشرين ذراعا وثمانية عشر أصبعا.
وقال الإمام السمهودى فى كتابه الذى ألفه عن تاريخ المدينة والذى رأى لبنات الجدار القديم عند زيارته: «كان سمك جدار المسجد القديم الذى كان بين جدار المسجد الجنوبى والمصلى اللطيف أكثر من ذراع ونصف ذراع وبعد أن هدم الجدار المذكور أصبح عرض المسجد الشريف عشرين ذراعا ستة أصابع ورفع صندوق المصحف الشريف فوق أساس هذا الجدار» وبهذا بين سمك الجدار الذى صنع فى عصر السعادة، وعرض مسجد السعادة فى أثناء هدم هذا الجدار وإذا ما أضيف إلى العرض الذى يصل إلى عشرين ذراعا وستة أصابع سمك الجدار يكون العرض فى هذا التقدير واحدا وعشرين ذراعا وثمانية عشر أصبعا بالتمام.
إن تعريف الإمام السمهودى يعين لنا الموقع المنيف الذى أدى فيه إمام محراب الدين-عليه سلام الله المعين-صلاته إذا ما وقف شخص جاعلا باب المنبر المنير فى محاذاة منكبه الأيمن واستقبل محراب السعادة فالفاصلة التى تبقى بينه وبين