للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك بقيام «دب» (١) التهامى ضده؛ لأن مروان بن الحكم كان قد أرسل إلى تهامة جابيا وكان هذا الموظف قد ظلم واحدا من آل تهامة يسمّى دبّا وحمله ما لا يطاق وجعله يمل حياته؛ ودب هذا قد تحير فيما يعمله وفى النهاية قرر قتل مروان بن الحكم وإعدامه، وذهب إلى المدينة ولكنه لم يوفق فى قصده وقبض عليه فى داخل المسجد، استنطقه مروان ووجه إليه سؤالا لماذا أقدمت على هذا الأمر الوخيم وأردت قتلى؟! فقال له: «إنك كنت قد أرسلت إلى تهامة عاملا ظالما، وبمجرد وصول هذا الرجل قد اغتصب زادى وذخيرتى واستولى على كل ما فى يدى وترك أولادى وعيالى جائعين بدون دواء وأنا أقسمت على قتل الآمر الذى أرسل هذا العامل، وهذا هو سبب الإقدام على قتلك».وبعد هذه الإجابة حبس الرجل وسجنه وبنى من خوفه مقصورة وهيأ مقدارا كافيا من الحجارة المنقوشة وصنع مقصورة وأوصل أطرافها ودعمها.

ويروى أن حضرة معاوية صنع هذه المقصورة ليحمى نفسه من غدر برك بن عبد الله من الخوارج.

واستهجن فيما بعد عمر بن عبد العزيز وجود مقصورة فى داخل المسجد فأمر بهدمها، إلا أن فريقا من المؤرخين قالوا: إن المقصورة التى صنعها ابن أبى سفيان جددها محمد المهدى بالله ابن أبى جعفر المنصور متخذا خشب الساج فى تجديدها، وإذا كانت هذه الرواية صحيحة ينبغى ألا يهدم عمر بن عبد العزيز المقصورة التى صنعها معاوية بن أبى سفيان، والمقصورة الآن هى الأماكن التى خصصت لأداء الملوك الصلاة فيها وهو المحل الموقر الذى يطلق عليه المحفل السلطانى، ويوجد فى جميع المساجد الكبيرة ويلاصق جدار القبلة وفى الجهة اليمنى أو اليسرى من المحاريب.


(١) بناء على تحقيق بعض الرواة أن اسم «دب» كان ذبابا.

<<  <  ج: ص:  >  >>